الثلاثاء، 3 نوفمبر 2009

"سيرة افتراضية – أماديوس"



من كتاب "سيرة افتراضية – أماديوس":

سياج

جمعتْ فيروزياتها، الأسطوانات والصور، وملاحق قديمة لصحف قديمة كان يصدرها أناس أشقياء في بلد بعيد. زمنٌ لا بدّ من قتله بسادية أكبر من مجرد إلقائه من نافذة غرفتها في الطابق الخامس.
ثم تذكّرت، بعد أن فرغتْ من إلقاء ذاكرتها من النافذة، أن عليها أن تصلّي كي تلعنه كثيرا، لم يغادرها، لكنها هي التي غادرته. كما كانت تغادر ذاكرتها قبل لحظات.
- سأعلّق جنوني على منعطف أقل إنسانية من أن أتسول مغفرة لروحي لدى هذا الشيء!.
هذا الشيء، الذي كانت تحبه، لم يكن يفعل الكثير. كان يحضر إليها الاسطوانات والملاحق الحائلة اللون، وأعدادا متفرقة من مجلة أسفار يكلل غلافها الرئيس بوردة، ويكتب رسالته إليها بباطن الغلاف الأخير.
لهذا، كانت تسافر طويلا، انطلاقا من الوردة، حتى تصل إلى خاتمة مشهد غريب لمرور أكثر غرابة. أخبرها، ذات غلاف، بأنه يهتم لأمرها كثيرا، وأن عليه أن ينمو كثيرا حتى يدرك معاني وجودها في قلبه، وأخبرها عن شموس تتوالد في لياليه التي يسعد فيها برؤية أو بسماع صوت، أو حتى بالتفاتٍ كالحياة الطيبة.
في رسالته الأخيرة إليها تحدّث بغموض ومحبّة عن صوتها الوريف. لم يسمع صوتها سوى مرّتين، وربما كان يحاول في كلّ مرّة أن يُدخل نبراته داخل دوائره التأويلية كي يتبين إلى أي مدى عليه أن يستمر في الكتابة إليها، وما الأفق الذي يتوجب عليه أن يطرقه فلا يندم أبدا. هذا ما أخبرها به، وهذا ما جعلها تفزع إلى صلاتها كي تلعنه، لأنه لم يكن قادرا على تأويل شيء دون أن يفسده.
- لماذا عليّ أن أغادر أكثر الأشياء إلفةً؟، أمن أجل ألا أتورّط فيما يزيد حضوره التباسا بين ما يجب أن نكون عليه، في ظروف قياسية وبسيطة، وبين ما يجب أن نحيط به أرواحنا من أسوار تحميها تطفّل الغرباء!
 
Free Hit Counter Search Engine Submission - AddMe