السبت، 9 يناير 2010

نقد العقل التالف ..........1_ الطب الاسلامي

نقد العقل التالف ..........1_ الطب الاسلامي


محمد الحلو 

 

توطئة : احدث كتاب_ نقد العقل الخالص _ الفيلسوف الالماني -كانت - ضجة كبيرة في اوروبا ابان القرن الثامن عشر , وقد اعتبر كتابه هذا من اعظم الكتب الفلسفية التي انارت اوروبا ومن ثم العالم اجمع .
طبعا انا لا ادعي الفلسفة ولا اميل اليها ولكنني اعجبت بهذا الفيلسوف العظيم ولذلك خطر ببالي ان اكتب سلسلة على نفس الوزن باسم نقد العقل التالف ( التالف من التلف والهريان والخراب وتلك صفات عقول شعوبنا الاسلامية للاسف ). وسابدأ بكتابة ملاحظات بسيطة من معتقدات شعوبنا الخزعبلاتية الوهمية التي لا يصدقها عقل ولا يتقبلها منطق . والحلقة الاولى في سلسلة العقل التالف هي الطب الاسلامي والحلقة القادمة ستكون عن الجن والحلقة الثالثة ستكون عن صلاحية الاسلام لكل زمان ومكان والحلقة الرابعة ستكون عن الغبن والافتراء على العصر الجاهلي والحلقة الخامسة ستكون عن خرافة قصص الانبياء والسادسة ستكون عن الاخلاق والقيم الاسلامية وهلم جرا .
ملاحظة : اتمنى على احبتي هنا مساعدتي في امدادي بمعلومات وحوادث عن تلك المواضيع التي ساصيغها بطريقة قصصية وهزلية
الحلقة الاولى
الطب الاسلامي
طبعا يتميز ديننا الاسلامي بالكمال الغير منقوص وهو ملم بكل علم وفيه شفاء لكل الامراض وخصوصا السرطان والايدز ........... كيف ذلك !!!!! اسمعو اذن هذه القصة التي روتها لي جارتي المتعلمة التي تحمل ماجستير قانون ..وهذه القصة الواقعية التي تصدقها جارتي وتؤمن بها حسب زعمها هي كالتالي :
ان هناك رجلا مريضا بمرض اللوكيميا ( سرطان الدم ) ووصل الى درجة ميئوس من علاجها,, مما استدعى اهله ليبعثوه الى امريكا حيث هناك مركز علاج متخصص في مثل هذه الحالات , لكن حتى هذا المركز عجز عن علاجه,,, وقد اخبر المسؤولون عن هذا المركز ذوي المريض انه لن يعيش اكثر من شهر !!!! وهنا طلب المريض( الذي فقد الامل بالحياة ) ان يذهب الى الديار المقدسة ليعتمر قبل لقاء الله وبالفعل ذهب للحجاز والمفاجاة كانت ان حالته قد تحسنت بشكل لا يصدق وعاش بشكل طبيعي !!! ولما ذهب لأعادة الفحص اخبروه انه لا يعاني اي مرض مما استدعى الاطباء الامريكيون لان يصابوا بدهشة ما بعدها دهشة ,, وقد طلبو منه ان يخبرهم ماذا عمل بالتفصيل في الحجاز ؟؟ وماذا كان يتناول من الطعام ؟؟؟؟ المريض اخبرهم انه كان فقط يتعبد الله ويتناول يوميا بضع حبات من التمر ويشرب من ماء زمزم _______ النتيجة الحتمية لتلك القصة والقصص المشابهة ان الاطباء اعلنوا اسلامهم في التو والحال ( يا الهي كم اعاني وانا مجبر على سماع تلك التفاهات والترهات مما يصيبني بالغثيان !!!!) . ه
المصيبة ان تلك الجارة المتعلمة لم تقتنع بكل ما اخبرتها من تكذيب ودحض لتك القصة من ان العلماء والاطباء ومراكز الابحاث والجامعات في الغرب ينفقون المليارات من الدولارات ويبذلون جهودا جبارة في سبيل استئصال تلك الامراض ,, ولو اكتشفوا حقيقة اهمية التمر وماء زمزم لما ترددوا لحظة عن الاعتراف بذلك !!! لأن جائزة نوبل ستكون من نصيبهم عندها !!!.....
و لكن جارتي المتعلمة ردت علي قائلة انهم لن يعترفوا بذلك ابدا ابدا لانهم لا يريدون ان يقوموا بدعاية مجانية للاسلام مما سيجعل شعوبهم تترك دياناتهم وتدخل في دين الله افواجا !!!!!. قلت لها : لماذا لم يتناهى لسمعنا ان هؤولاء العلماء والاطباء الافذاذ قد اسلموا ؟؟؟؟ اجابت بكل ثقة : انهم لا يستطيعون خوفا من اغتيالهم !!!!!.
بصراحة انا لحظنها رفعت الراية البيضاء واعلنت هزيمتي امام منطقها وثقتها العمياء بما تهرف !!!!.
حادثة اخرى حصلت امام ناظري في نقابة المهندسين الاردنين حينما وجدت مهندسين عريقين يتناقشان في امر جلل كان احدهما يحدث الاخر عما حصل معه خلال وجوده في المانيا ( اخينا كان هناك في مؤتمر هندسي علمي !!!! ) ....
المهندس الاول : تخيل يا اخي انهم في مدينة منهايم ( حيث عقد المؤتمر الهندسي ) قد اجروا تجربة على نعجتين( ذبيحتين ) , النعجة الاولى قد تم ذبحها على الطريقة الاسلامية والاخرى قد تم ذبحها على طريقتهم !!!!....
المهندس الثاني ( وكله اذانا صاغية ومندهشا ومستبشرا ) : هههمممممممم ما النتيجة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
المهندس الاول ( مقطبا جبينه وهازا راسه ): النتيجة وبعد الفحص المخبري قد وجدوا الذبيحة الاولى سليمة وخالية من الميكروبات والبكتريا على عكس الذبيحة الثانية الموبوءة !!!!
المهندس الثاني ( مبتسما ومهللا ) : الله اكبر اله اكبر وماذا كان ردهم ؟؟؟؟
تدخلت انا راسا بالموضوع واجبت على سؤاله فورا : كان ردهم انهم نطقوا بالشهادتين فورا واسلموا !!!!
وهنا سالني المهندس الاول : أانت ايضا سمعت بالقصة ؟؟؟
اجبته( وانا مقهورا ومستهزءا ) : هذه قصة معروفة وقد هزت مدينة مانهايم ولقد اسلم بعدها الالاف المؤلفة من سكان تلك المدينة .
المهندس العبقري الثاني والاول معا : الله اكبر الله اكبر!!! وسيعم الاسلام وسينتشر ولو كره الكارهون

احبتي هذان نموذجان واقعيان ( اقسم انهما حدثا امامك ناظري ) فما رايكم بطبنا الاسلامي الذي عماده
*تمر
* ماء زمزم
*قران
*زنجبيل
*ادعية معينة
*سواك
المصيبة والماساة اننا نتكلم عن مثقفين ومتعلمين وليس عن الاميين من شعوبنا .... هل ترون العقل التالف في اجمل تجلياته ؟؟؟؟؟

 

نقد العقل التالف 2............. الايمان بالجن

نقد العقل التالف 2............. الايمان بالجن


محمد الحلو 

 

حقيقة أنا لا أعرف ما هو حكم من لا يؤمن بالجن بالأسلام لكن زوجتي اكدت لي ان ذلك ركنا اساسيا من اركان الأيمان بالدين ( هذا غير اركان الايمان الخمسة وبامكانكم ان تضيفوا هذا الركن ليصبحوا ستة اركان :1_ الايمان بالله2_ وبرسله3_ وملائكته4_ وبقضاؤه وقدره5_ وباليوم الاخر6_ و... بجنه )...
طبعا كون ذكر الجن ورد في القران فلا مناص امام المسلمين الا ان يؤمنوا به !!!!!!...
من منكم يا سادة سبق له وان التقى جني ؟؟؟ اين يسكنون هؤولاء االمحترمون الهادئون الذين هم بقمة الاخلاق والادب حيث انهم يتحركون خفية وبدون ازعاج لنا ؟؟؟؟ هل هم حقيقة مثلنا؟ منهم الصالحون ومنهم الطالحون ؟؟؟ !!!!! هل هم ايضا منهم المسلمون ومنهم الكفرة ؟؟؟؟ كيف تبدو هيئة هؤولاء واشكالهم ؟؟؟ظ كيف ياكلون ويشربون ويتزاوجون ؟؟؟؟ ( أتمنى على صديقي العزيز اوشهيوض هلشوت ان يفيدني في هذا الحقل حيث انه الاقدر والاعلم في هذا المجال الذي يخص اهله وذويه )....
يا الهي كيف يمكن لذي عقل سوي ان يؤمن بحقيقة وجودهم بمجرد ورود ذكرهم بالقران !!!!!
كنت مجهدا وتعبا بعد قيادة سيارتي لثلاثة ساعات تلبية لدعوة احد اصدقائي الذي يسكن في مدينة بعيدة ,, وحال وصولي وجدته مغتاظا من ابنه اليافع ذو الحمسة عشر عاما الذي لم يستوعب منطقيا وجود الجن رغم ذكره بالقران وهنا استنجد صديقي بي لأقنع هذا الصبي بحتمية وجود هؤولاء القوم !!! ( صديقي هذا لا يملك اية معلومات عن استسخافي وعدم ايماني بتلك الترهات ),,, ورغم تعبي وارهاقي اعجبت بهذا الصبي الذي لا يتقبل عقله الغض هذه الفكرة و ينكر شيئا غير محسوسا ,ولذلك سرعان ما وقفت الى جانبه ضد ابيه ( ابيه يعمل معيد في جامعة ويحمل درجة الدكتوراه في التاريخ !!! يا للعجب !!!),,, وهنا اضطررت ان ادخل مرغما معمعة النقاش والجدال حتى وصلت الامور ان والد هذا الصبي غضب مني غضبا هائلا ونعتني بالكافر الزنديق والنتيجة الطبيعية لهذا الجدال البيزنطي كانت ان كررت راجعا لمدينتي( ايضا 3 ساعات قيادة سيارتي !!!!) غاضبا جائعا منهكا ( راحت علي الوليمة الدسمة المعدودة على شرفي !!!).. , .




قصة اخرى : جائني صديقا عزيزا لي وقال لي انه يود ان يعرفني على مهندس فلسطيني حل ضيفا علينا اتيا من مدينة خليل الرحمن ,,,, وبعد التعرف عليه وأستفسارنا عن وضع اهلنا هناك ومعاناتهم اليومية التي يواجهونها جراء الاحتلال واغلاق المدينة الدوري ووجود المستوطنيين ......الخ...... تشعب الحديث والحديث دوما ذو شجون!!!!!!!!!!. .
والمفاجاة االصاعقة المدهشة لي ان بدا هذا المهندس الفلسطيني يقص علينا ويخبرنا عن مهندس اخر زميل له في الخليل ...
اليكم هذا الحوار الغريب العجيب الذي حصل بيننا انذاك :
المهندس الفلسطيني : ان زميلي (ع ) هو بارع جدا ومقتدر على كل شيء ولذلك تجد ان اموره سالكة وبدون اية عوائق
صديقنا المشترك صاحب البيت : مستحيل ان يكون (ع) بارع لانني اعرفه حق المعرفة منذ ان كنا في الجامعة سوية ( يتكلمون عن جامعات !!!! )!!!
المهندس الفلسطيني الزائر ( مبتسما وبثقة عالية ) : لا يا سيدي انت لا تعرفه بتاتا منذ اربعة سنوات
صديقنا المشترك ( مندهشا ): ما الذي حصل له منذ اربعة سنوات ؟؟؟ هل وجد كنزا ؟؟؟؟
المهندس الفلسطيني : كنز ؟؟!!!! نعم لقد وجد اعظم كنز بحيث انه تغير 180 درجة !!! لقد فتحت له اابواب السماء وتعلم على يد اكبر شيخ مخاوي ( مخاوي كلمة يطلقونها على الذين يصاحبون الجن ويجعلوهم ياتمرون بامرهم )... (ع ) تحت تصرفه وطوع بنانه الان خمسون الف جني !!!
هنا وفي هذه اللحظة استفزني الجدال العبثي السخيف وبادرت ضيفنا : وأنت هل تصدق ذلك ؟؟؟ ا
اجابني باستنكار : كيف لا اصدقه وقد ورد ذكره بالقران !!!
انا ( بعصبية وبنفاذ صبر ) : يا اخي اذا كان صديقك يحكم خمسون الف جندي فالأولى به ان يخفف عن اهله في الخليل و يدمر اسرائيل وامريكا عن بكرة ابيهما وأن يحرر فلسطين من البحر الى النهر وان يكون اعظم وأغنى رجل في العالم !!!!يا اخي هذا الكلام مستحيل حدوثه ولو سمعه اطفالنا لاتلفنا لهم عقولهم بهكذا تخاريف ؟!!!!!!!!!
صديقنا المشترك : على رسلكما قد تكون ارادة الهنا غير ذلك !!!!!
بالحقيقة لقد اصابني اشمئزاز وغثيان ولم استطع اناقش اكثر من ذلك ...
هل رايتم تاثير الجن على عقولنا التالفة ,, لعمري ان الجن موجودون فقط في تجاويف هذه العقول الصدئة
 

نقد العقل التالف .3 .... كذبة مصطلح الجاهلية

نقد العقل التالف .3 .... كذبة مصطلح الجاهلية


محمد الحلو

 

ابني ذو الاثني عشر عام حينما ناقشته في موضوع العرب قبل الاسلام ذكرني انهم لم يكونوا سوى وحوش ادمية يدفنون بناتهم عند ولادتهن بدون شفقة , وانهم يتميزون بغباء شديد لأنهم يعبدون اصناما ويذبحون الذبائح قربانا لها , ويصنعون اصناما من تمر وياكلونها عندما يجوعون !!!!!هم متخلفون لا حضارة لديهم ولا ادب ولا شعر !!!!لا تاريخ لهم ابدا قبل بزوغ الاسلام .................... الخ ( لقد هالني وأحزنني كيف يتلقن اطفالنا تاريخهم !!!) . ه
حاولت بكل الوسائل ان اشرح لفلذة كبدي بطريقة مهذبة غير صادمة لعقله الغض ان كل ما قاله غير دقيق وبحاجة الى مراجعة بطريقة حيادية تجريدية ( اي مجردة من اي حكم مسبق ).
اخبرت ابني ان العرب في الجاهلية كانوا يحترمون النساء وقد ظهرت هناك نسوة لهن سمعة طبقت سمعتها الافاق,, واكبر مثال هي خديجة بنت خويلد التي كان يشار لها بالبنان وكانت سيدة مبجلة عند قومها,,, و تاجرة ماهرة,, وقد سيرت القوافل التجارية لحسابها الى الشام واليمن في رحلتا الشتاء والصيف.
هناك ايضا الشاعرة المشهورة الخنساء وكذلك هناك زرقاء اليمامة التي كان قومها يستشيرونها في مجمل امورهم المشهورة بحدة وشدة بصرها حتى قيل بها المثل المشهور _ ابصر من زرقاء اليمامة _هناك كانت ايضا الجليلة اميرة زوجة الامير كليب المشهورة وهناك ايضا عجوز البسوس التي سببت معارك تاريخية طاحنة .......... الخ ,,, ألم تكن هؤولاء النسوة محترمات ومبجلات في مجتمعهم الجاهلي ؟؟؟؟ لماذا لم يؤدن في مهدهن اذن ؟؟؟؟؟ أين النساء المشهورات في الاسلام غير خولة بنت الازور وزوجات الرسول ؟؟؟؟. ه
أما بالنسبة للثقافة والادب فيكفي هؤولاء الجاهليون ( والله يا جماعة اننا ظلمناهم بهذا الاسم !!! قال جاهليون قال !!!!) فخرا بالمعلقات والروائع الشعرية التي علقت على استار الكعبة ( تخيلوا لو لم يكن هناك اسلام كم من المعلقات ومن الشعراء على شاكلة شكسبير سيكون لدينا !!!! ),,, كان هناك ادب يسمى بادب وشعر الشعراء الصعاليك الذين ضربوا مثلا نبيلا ورائعا في الاشتراكية والعدل والحس الانساني حينما كانوا يسلبون الاغنياء ليهبوا ويتصدقوا بها على الفقراء المعدمين ( مثل روبن هود ) ...هل تتذكرون سوق عكاظ الادبي الذي يجتمع به فحول الشعراء من كل فج عميق انذاك ؟؟؟؟.
هل تعلم يا ابني ( لا زلت اتحدث لابني الغض )ان هؤولاء الشرفاء العرب كانوا قوما متحضرون جدا فيما يخص الاديان والعبادات ؟؟ هل تعلم يا بني ان جزيرة العرب كانت تعج بالوثنيين الذين عبدوا العشرات من الاصنام وباليهود العرب الاقحاح الذين امتدت ديانتهم واتسعت في اليمن وفي تمود وفي يثرب وكذلك كانت تتواجد الديانة المسيحية في محيط مكة ونجران وتبوك عدا اتباع الديانة الزرادشتية وعبدة النار !!!! تخيل يا بني ان هؤولاء العرب الجاهليون لا يعيرون اية اهمية لأختلاف تلك الاديان !!!! بل كانوا يحترمون ويجلون كل الاديان بدون اي تفرقة اللهم التفرقة القبلية فقط !!!!! لم يحدث ابدا ان احتربوا وتقاتلوا من أجل أديانهم مع انهم يجتمعون ويطوفون حول الكعبة في حجيجهم وبصحبتهم اصنامهم المختلفة !!!!! هل هناك أروع من هذا التناغم والانسجام واحترام الاخر . ÷
هل تعلم يا ولدي عن الاشهر الحرم التي احترموا قدسيتها ولم يسمحوا لانفسهم ابدا بالاحتراب خلالها ؟؟؟؟ هل تعلم يا ولدي عن نخوتهم وكرمهم وما حاتم الطائي الا مثلا للتضحية والجود ؟؟؟؟ هل تعلم عن ايثارهم الغريب وجيارهم للدخيل (جيارهم من يجير وهو سبغ الحماية على المستجير بهم الطالب العون منهم ). ه
هؤولاء القوم ( لا زلت مسترسلا بالكلام ومحاورا ابني ) لم يكونوا جبناء ومغلوب على امرهم كما يصور لنا التاريخ المزور بل كانوا شجعانا بالرغم من تشتتهم وبدائية مجتمعاتهم فلقد هزموا امبراطورية الفرس في معركة ذي قار الشهيرة ( ولم يكن هناك لا شهادة ولا حوريات ) . ا
هناك ياولدي كانت حضارة عربية صميمة رائعة اسمها حضارة الانباط شقت الابار في الصحراء وسيرت المياه في جداول ونحتت الصخر وبنت مدينة البتراء الوردية درة المدن ولا زالت لغاية هذه اللحظة_ تمد لسانها سخرية لمزوري التاريخ_ وتقول لهم انا البتراء!! أنا المدينة ألاعجازية !!!أنا عاصمة الانباط التي وصل نفوذي من شمال جزيرة العرب الى الشام ومن سيناء الى الفرات قبل ان يولد عراب الاسلام باربعة قرون .
وهذا غير حضارة اليمن السعيد الذي من لب ترابة قامت سبا ومعين ومارب ومنه انطلقت الموجات السامية شمالا للجزيرة والشام والعراق
 



كيف تتخلف الشعوب ؟

كيف تتخلف الشعوب ؟


شامل عبد العزيز


بعد مقالتي كيف تتقدم الشعوب ورد تعليق من السيد فارس ميشو يطالبنا بكتابة مقالة تحت عنوان كيف تتخلف الشعوب ومن أجل ذلك كان هذا العنوان / هذه المقالة ليست دعوة للإلحاد كما قد يتصور البعض بل هي قراءة في واقع المتدينين على مر العصور ومن وجهة نظر شخصية / فكرة المقالة مستوحاة من الفصل ما قبل الأخير من كتاب المفكر عبد الله القصيمي / هذه هي الأغلال / والذي يحمل عنوان / المشكلة التي لم تحل / خلاصة القول قبل الشروع بقراءة المقالة سوف ننقله لكم من الرأي الذي أورده القصيمي نفسه / هل يصح أن يفهم أحد من هذا أني أريد الاستغناء عن الدين ؟ كلا ... الدين حاجة من حاجات الإنسان التي لا يمكن أن يستغني عنها .. ولكن بفهمه على أنه شأن شخصي وأمر فردي ,,,
يبدأ عبد الله القصيمي سؤاله ؟ ما هو سبب المزالق الفكرية التي نعاني منها ؟
لقد أوعز القصيمي ذلك / للتدين الباطل / أو الفكرة الدينية من حيث هي ,,,
إن فكرة التدين قائمة على الإيمان بسبب ترجع إليه جميع الأسباب لأنه هو خالقها / المهيمن عليها / المتصرف فيها كيف يشاء / ,,,
لماذا تصاب قوى المؤمنين بالضعف والعجز عن الإبداع وعن الإنتاج والعمل البارع العظيم ؟
الوجود كله مربوط بأسباب آلية طبيعية تسير إلى نهاياتها ونتائجها أيضاً سيراً طبيعياً , ليس لقوة من القوى أن تقف في سبيلها أو أن تتحكم في نهايتها ,,,
لماذا عجز المتدينون , على اختلاف ديارهم وأزمانهم وأنبيائهم وأمزجتهم وأجناسهم عن أن يهبوا الحياة شيئاً جديداً ؟ أو أن يكونوا فيها مخلوقات متألقة ؟
ذلك أن المؤمنين يرون دائماً أن الله حينما خلق العالم وخلقهم قد ضمن أرزاقهم كلها وتعهد بحمايتهم ورعايتهم في كل أمورهم أو جلها ,, لأنهم لا يتصورون أن يتخلى الله ( وهو الكريم القادر ) عمن صنع بيديه وعمن أوجدهم اختياراً واقتدراً ,,
أي يصابون بالتواكل والاعتماد على القوى الخارجية وحينئذ لا يضعون لأنفسهم ما يجب أن يضعوه وما لن يظفروا به إلا إذا صنعوه هم ,,
المؤمن يعتقد بان الله إذا تفضل عليه فخلقه وأوجده من العدم فمن الواجب عليه أن يشغل بخدمة ذلك الرب المتفضل وبالانقطاع إلى عبادته وإلا فإنه عبد سوء ,,
إذا لاحظنا على المتدينين / أفراداً وشعوباً / عجزاً عن إيجاد الحياة وعن التحليق بالصناعة أو الزراعة أو التجارة أو العلوم المادية الإنسانية أو عن شيء ما من وسائل الحياة وأسبابها فلنعلم أن أحد أسباب هذا العجز هو تصوره للحياة الأخرى لان هذه الحياة الأولى قصيرة مقارنة مع الحياة الأبدية والتي هي شغله الشاغل ,,,
بمعنى أخر يشغلون أنفسهم بالآخرة عن أن يصنعوا لهم في الدنيا أملاً جسيماً عظيماً فيأتون عادة عاجزين عن اللحاق بالآخرين الذين صنعوا لهم هذا الأمل ثم أعطوه كل نشاطهم وإبداعهم فأصبحوا فيه السادة الغالبين ,,
أوربا يوم أن كانت مؤمنة متدينة كانت في ذلك الهوان والضعف والعجز ,,, فلما أن مرقت من إيمانها وتنازلت عن الأمل الأخروي وجعلت الصناعة والتجارة والحياة الكبيرة القوية هي آلهتها التي وجهتها وأبت الإشراك بها صعدت بالحياة هذا الصعود الذي أعجز الأبصار تنوره والنظر إليه ,,,
قال أحد الفلاسفة الانكليز :
إن أوربا لم تستطع أن تكون أوربا إلا بعد أن أعتقت نفسها من رق الإيمان بالآخرة وبالله ,,,
ما أبدعت أمة من الأمم إلا بقدر ما كان لديها من التأميل في هذه الحياة ومن الدوران حولها ,,
لقد أبدع الإغريق – الرومان – المصريين القدماء – وغيرهم من الشعوب القديمة لأنهم كانوا يبالغون في حب مظاهر هذه الطبيعة حتى عبدوها وصيروها كل أملهم ورجائهم المنشود ,,
يقول الدكتور / جستاف لوبون / :
/ إن الإيمان بالله وحده كان نكبة على البشر / ,,,
لماذا ؟ لأنه قد وقف بالحضارة عن التقدم والسير إلى الأمام ولم تستطع الحضارة البشرية أن تخطو خطواتها الصحيحة القوية إلا في عهود آنية وعبادة الأصنام ,,
وهو يريد بعهود الوثنية تلك العهود التي سادت فيها عبادة الطبيعة ومجاليها الجميلة ,,,
أما في عهود التوحيد والإيمان التي وقفت بالإنسانية وهي التي أعلن فيها الدعوة إلى عبادة الله وحده والى العمل للآخرة وحدها والتأميل فيها دون الدنيا كعهود أنبياء بني إسرائيل واسباطهم , - وجود الكنيسة في القرون الوسطى – عهود الغزالي والشعراني وغيرهم وعهود شيوخ الطريقة بالنسبة للمسلمين وكل رجالات دينهم ,,
قال لوبون :
كانت هذه العهود نكبة على البشر أجمع / لأنها لم تستطع أن تصنع لهم شيئاً سوى التأميل في الآخرة ,,
إن الأمم المتدينة عاجزة عن الصعود بالحياة وبنفسها ,,,
إن الذين ينجحون في التجارة – الصناعة – العلوم – وغيرها من الجوانب الإنسانية هم دائماً من غير الأتقياء الورعين وأنه لا يقدر على المنافسة القاصمة إلا أولئك الذين تركوا الأمور الدينية وراءهم ,,,
إذا ما حاولنا أن نلتمس في تاريخنا مكان أولئك الأفذاذ القلائل الذين لمعوا في سماء الشعر – الأدب – النظريات العلمية – أو جاءوا بفلسفة ذات شأن معترف به بين الفلسفات / لن تجدهم إلا بين أولئك الذين وصفوا بالتمرد والانحلال الديني أمثال :
المتنبي – أبو العلاء – أبن الرومي – الجاحظ – أبن سينا – الرازي – الفارابي – أبن رشد – جابر بن حيان – الحسن بنم الهيثم – وسواهم ,,,
قال عمر بن الخطاب ذات مرة حينما حار بين الأتقياء والأقوياء :
/ أشكو إلى الله جَلَد الفاجر وعجز الورع /
قد علم بالتجربة أن المتدينين يفقدون الميزان الفكري الذي توزن به الأمور في الغالب ويصبحون من الناحية النفسية فاقدين لكل مناعة عقلية ,,,
لأنهم بعد أن عزلوا العقل وتنازلوا عن تحكيمه عجزوا عن أن يعرفوا الحق من الباطل فصدقوا المستحيلات المتناقضة وأمنوا بأشنع الترهات لان ألعاصم من عمل ذلك وهو العقل قد أبعد وعزل ,,
/ ليست روح التسليم العقلي عند المتدينين بجديدة بل هي روح ملازمة لهم منذ وجدوا وكيف وجدوا,,
يقول أبو العلاء :
اثنان أهل الأرض ذو عقل بلا دين وآخر دين لا عقل له ,,
وكذلك يقول :
ما لي أرى كل الأنام لجهلهم بالدين أشباه النعام أو النعم
لو قال ذئب غضا بعثت بملة من عند ربي قال بعضهمو نعم
ما هو سبب هذا الاستسلام والضعف الفكري لدى هؤلاء المتدينين ؟
إنهم ينكرون بين أحداث هذا الوجود ترابط عقلي , وتعليل ثابت بل يرون أن الوجود بما فيه من حوادث وأحداث كله محكوم بقوة مجنونة أو كالمجنونة ,, في أفعالها وتصرفاتها ولهذا فلا قوانين و لا ضوابط للمعجزات ,,,,,, و الخوارق . فكل شيء جائز وكل شيء مستحيل ,,,فيصابون بالفساد الفكري العام , وإذا اختلت الوسيلة فكذلك النتيجة , وإذا انهار الأساس انهار بلا شك ما رفع عليه ,
لن تجد ميزاناً لدى هؤلاء المتدينين الذين يعيشون في الجو المسحور – المجنون – المائج بالخوارق والمعجزات والكرامات التي صنها الشيوخ والصالحون ساخرين من قوانين الطبيعة ,
علل بعض علماء النفس والاجتماع القسوة التي يتصف بها المتدينون غالباً إذا قدروا وأخذوا خصوهم أخذاً خالياً من الشفقة والرحمة والإنسانية بكثرة ممارستهم صناعة التخويف والتهويل للعصاة الكافرين وكثرة قراءتهم للنصوص التي تصف الأهوال المعدة لأهل الآثام , والشهوات فقد صاغوا طباعهم وأنفسهم بطابع الغضبية والقسوة والعنف حتى أصبحوا وحوشاً تنطق باسم الدين وتفترس على حسابه ,
لو استطاعوا الوثوب على الحكم ووضعت السلاح في يدها لحكم البشر عهد من الإرهاب لا يتضاءل إزاءه كل إرهاب يستنكره العالم ,,
لن تجد أقسى من إنسان يثب على عنقك ومالك يقتلك ويسلبك معتقداً أنه يتقرب إلى الله بذلك ويجاهد في سبيله وينفذ أوامره وشرائعه ,,
السوء لمن ناموا على فوهة البركان قائلين :
لعله لا ينطلق ,,,,,,,,,,,,,,,,,,

أسئلة الإسلام الصعبة

أسئلة الإسلام الصعبة


أحمد عصيد


يسود في أوساط المسلمين خطاب مفاده أن الإسلام بريء من كل ما ينعت به من نعوت سلبية مصدرها في اعتقادهم موجة "الإسلاموفوبيا" المنتشرة في الغرب بعد الأحداث الإرهابية التي كانت العديد من البلدان الغربية مسرحا لها، و مضمون هذا الخطاب هو أن الإسلام دين "وسطي متسامح" يتضمن كل القيم التي تعتبر اليوم قيما نبيلة و إنسانية، و أن الذين ينعتونه بتلك النعوت للنيل منه هم أشخاص ليس لهم إلمام بالإسلام و تعاليمه، و إنما وقعوا ضحية الدعاية المغرضة و التشويش المقصود. غير أن سلوكات المسلمين و أساليب تعاملهم فيما بينهم و مع غيرهم ـ و هي سلوكات لا يفصلونها عن مرجعيتهم الدينية ـ تثير العديد من الأسئلة التي نرتبها على الشكل التالي:
1) إذا كان الإسلام دينا بريئا من كل النعوت السلبية و ليس فيه مشكل في حدّ ذاته، فأين يكمن المشكل إذن، ما دام المسلمون يبررون كل مشاكلهم مع العالم و مع بعضهم البعض و كل أخطائهم انطلاقا من الدين و من نصوصه ؟
2) إذا كان المشكل في المسلمين و ليس في الإسلام ذاته، فهل المقصود هم فقط مسلمو اليوم أو المسلمين منذ بداية الإسلام، لأن اللحظات التي تصور على أنها "عصر ذهبي" للإسلام و التي هي مرحلة النبوة و الخلفاء الراشدين كانت أيضا مرحلة حروب فظيعة و اقتتال شنيع و أحداث مهولة و لم تكن مرحلة سلم و حضارة و ازدهار. بل إن الحضارة لن تبدأ إلا خلال القرن الثاني الهجري بعد أن تمّ نقل التراث الإغريقي و اللاتيني و السرياني إلى العربية و هضمه بالتدريج، و التفاعل مع الحضارات الفارسية و الهندية و اليونانية و اللاتينية. إذا كان المشكل في المسلمين و ليس في الإسلام فلماذا نقدس أشخاصا أخطأوا منذ أربعة عشر قرنا و ما زلنا نجني اليوم نتائج أخطائهم ؟
3) إذا قام بعض المسلمين بالدفاع عن دينهم باستحضار نصوص ذات مضامين إيجابية، فإنّ بعضهم الآخر يرتكب الأخطاء الشنيعة اعتمادا على نصوص أخرى هي أيضا من القرآن و السنة، مما يطرح مشكل التعارض الصريح الموجود بين نصوص الدين الإسلامي ، و الإرتباك في استعمالها، و هي تناقضات إن كان المسلمون يبتلعونها صامتين باللجوء إلى ألاعيب "الناسخ" و "المنسوخ" و "الضعيف" و "الصحيح" فإن باقي العالم لا يمكن له القبول بالتناقضات التي لا يستسيغها العقل السليم. ذلك أن القرآن إن كان يضم نصوصا منسوخة و متجاوزة منذ 1400 سنة باعتراف الفقهاء أنفسهم فلماذا ظلت هذه النصوص موجودة ضمن الكتاب تحفظ و تروى و تشرح حتى الآن ؟ ألا يعني هذا في العمق أنها ليست "منسوخة" و أن من حق بعض المسلمين اعتبارها مرجعية لهم و اعتمادها في سلوكاتهم ؟ ما هو الموقف الواضح و الصريح من النصوص التي تستعمل في الإرهاب و إيذاء الناس و الإضرار بمصالحهم ؟ و لماذا يطالعك المسلم بالآيات الإيجابية و يخفي غيرها عندما يكون في وضعية دفاع، ثم يفاجئك بعد ذلك بنصوص إرهابية المحتوى بمجرد ما يصبح في حالة قوة ؟
4) يعتقد جلّ المسلمين بأن الإسلام "صالح لكل زمان و مكان"، و هم يقصدون بذلك إمكان تطبيق نصوصه و شرائعه في الواقع العيني المشخص في عصرنا هذا و في المجتمعات الحالية، و كأن الزمن لم يكن، و كأن الحضارات لم تتعاقب و تنبن على أنقاض بعضها البعض على مدى قرون طويلة، و كأن أحداثا هائلة و مزلزلة لم تحدث، و كأن الإنسان لم يقم بثورات قلبت معارفه رأسا على عقب و جعلته يعي وجوده و وجود العالم بشكل مختلف لا نظير له في التاريخ و لا علاقة له بما كانت تقوله الأساطير و الديانات المختلفة، فهل يمكن للمسلمين أن يبدعوا في الحضارة الحالية و يضيفوا إليها شيئا جديدا إذا ظلوا يعتقدون حقا بأنّ دينهم كما هو و كما فهمه السلف ما زال صالحا لكل شيء في الوقت الراهن ؟ هل يمكن لأي دين في عالم اليوم أن يزعم بأنه "صالح" لكل شيء و في كل شيء ، إلا إن كان أهله يعانون من مشاكل نفسية و عقلية خطيرة ؟ هل يمكن لأي دين أن يتجاوز اليوم حدود الإشباع الروحي و الإعتقاد الباطني الشخصي و الفردي دون أن يكون مصدر ضرر بالغ و إزعاج للبشرية و إهانة لذكائها ؟
5) يريد بعض المسلمين استعمال الدين في الحياة السياسية كمرجعية شمولية و كأحكام و مضامين أخلاقية و شرائعية و عقدية و ككل غير قابل للتجزيء، و يريدون في نفس الوقت ألا يكون هذا الدين مثارا لأي نقد أو تقييم أو معارضة، يُرشحون الدين لأن يمارس وظائف سياسية في الدولة، و لا يقبلون في الآن نفسه أن يُنتقد في مضامينه و نصوصه التي يراد "تطبيقها" على الناس في حياتهم العامة و الخاصة، و ذلك بزعم أنها نصوص "قطعية" "متعالية" و "سماوية" المصدر، فهل يمكن استعمال شيء ما كأداة في السياسة دون تعريضه للنقد ؟ هل يوجد في عالم السياسة شيء ما مهما كان، يمكن اعتباره مقدسا و متعاليا على النقد ؟ ألا يعني ذلك تكرار أخطاء البشرية منذ فجر التاريخ ببناء الدولة على أسس عقائدية استبدادية لا يمكن أن تجمع بين كافة أعضائها مهما بلغت من عنف و غلبة ؟
6) بعتبر المسلمون دينهم أفضل الأديان و أصحّها على الإطلاق، و يعتبرون ديانات غيرهم خرافية و منحرفة و لا عقلانية، يقدسون الأنبياء الذين ذكرهم القرآن بتمجيد و تشريف و يؤمنون بمعجزاتهم الخارقة للطبيعة، و لكنهم يقفون موقف الكره و النفور من الأقوام التي اتبعت ديانات هؤلاء الأنبياء، باعتبارهم منحرفين عن هدي أنبيائهم الذي أصبح يتجسد في الإسلام، الدين الذي ظل وحده وفيا لمبدإ التوحيد الصحيح من عهد إبراهيم، و هم يتشبثون بهذه المواقف العدائية من منطلق قرآني حيث يعتبرون أن ذلك ما جاء به القرآن و لا يمكن تكذيبه، هل يمكن لقوم هذا اعتقادهم أن يكونوا في سلام مع العالم ؟ كيف يمكن للمسلمين أن يحاوروا غيرهم و هم المهتدون و غيرهم في ضلالة ؟ يقتضي الحوار الندّية و الإحترام المتبادل، و الحال أن المسلمين لا يحترمون غيرهم و لا يعتبرون أنفسهم مساوين لغيرهم، إذ هم الأفضل و الأطهر و الأهدى و غيرهم بشر من الدرجة الثانية، حتى و لو كان البشر الآخرون في غاية التقدم و الرقي و كان المسلمون في الحضيض الأسفل من التخلف، لأنّ الإعتقاد هو أساس المفاضلة بين البشر عند المسلمين و ليس الإنتاج و الإبداع والحضارة ، و لا مجال عندهم للحديث عن المساواة التامة بين بني الإنسان من منطلق إنسانيتهم وحدها بغض النظر عن الدين و العقيدة.
هذه بعض ملامح المعضلة التي يعيشها المسلمون و يلحّون على البقاء فيها مع سبق الإصرار، و لا نرى من حلّ لها إلا أن تتوفر لهم الشجاعة التي توفرت لغيرهم في النقد الذاتي الذي ينبغي أن يمرّ عبر اعترافين اثنين لا مناص منهما:
1) اعتراف المسلمين بأنهم متخلفون، و أن غيرهم من الأقوام المتقدمة تعيش حياة أفضل على شتى الأصعدة.
2) الإعتراف بأن المشكل ليس في المسلمين فقط بل يكمن في صميم الدين الإسلامي و بين ثنايا نصوصه، و أن عليهم إعادة القراءة و التمحيص و التفسير و التأويل من أجل التخلص من النصوص المتجاوزة و الخروج من عنق الزجاجة إلى العالم الرحب، و هو مجهود لا يبدو أن لدى المسلمين لا القدرة و لا شجاعة القيام به في الوقت الراهن. و الذين يتجرأون على القيام به من الفقهاء المجتهدين و المفكرين الإسلاميين المتنورين يتعرضون لوابل من الشتائم و التعنيف الشرس من أجل إرجاعهم إلى ما وراء الخطوط الحمراء التي رسمها العقل السلفي و حلفاؤه في السلطة ...

الملكية والزواج والزنا والله .

الملكية والزواج والزنا والله .


سامى لبيب 

 

بتحول المجتمع الإنسانى من حالة المشاعية إلى مجتمع الملكيات الخاصة , أدى هذا بالضرورة إلى تغير كبير فى العلاقات الجنسية .
ففى حالة المجتمع المشاعى حيث تسود حالة من البحث الدائم عن الغذاء بشكل يومى بلا إحتمالية لوجود فائض إنتاجى.. لم تكن العلاقات الجنسية حينئذ تتميز بالخصوصية الصارمة التى لحقت بالمجتمع عندما تولدت فوائض للقيمة .

وبظهور المجتمعات المنظمة وبدء تحسس الإنسان بإيجاد نظم إنتاجية تعطى فوائض مادية من إنتاج الطبيعة كما فى المجتمعات الرعوية ثم الزراعية ..بدأ تظهر الأطماع البشرية فى الإستحواذ على فوائض الإنتاج من قبل كبار رجال القبيلة بما يمثلوا من رمز وقيمة سلفية , وكذلك أيضاً من وجود رجال أقوياء بالضرورة .

عمليات الإستئثار بفوائض الإنتاج خلقت معها فئة وطبقة الملاك ..والتى بدأت تنظر بعمق كيف تحافظ على الثروات والأملاك التى وضعت يدها عليها .
كان الهاجس القوى هو كيفية إنتقال الثروة إلى المقربين من المالك ..ولم يكن أكثر من أولاده هم من يجب أن ينالوا تلك الثروة .
ولكن المشكلة كانت فى ضمان نقاء الأوعية الجنسية التى تنتج الأطفال ..أى ضمان أن الإنتاج كله يكون من إنتاج الرجل المالك ..ولذا قامت أول عملية تأميم ومصادرة فى تاريخ البشرية ..ألا بتأميم المرأة ومصادرتها كوعاء جنسى خاص للرجل ..بحيث يضمن الرجل لحد كبير أن يكون المنتج النهائى من صلبه .

يقوم الرجل على هذا الأساس بشراء المرأة من وليها مقابل إحتكارها جنسياً منتجة له الأولاد الذين يرثون أملاكه ...وسمى هذا النظام زواجاً ليقبل تحت مظلته كل أشكال البيع والمقايضة والإحتكار..ويمكننا أن نرى ببساطة عدم وجود تغيير يذكر فى الأوضاع والملامح العامة بين زواج قديم أو حديث إلا فى بعض الشكليات والديكور العام .

من هنا عرفت البشرية أشكال الزواج كعلاقات جنسية محددة وصارمة للحفاظ على الملكيات الخاصة .
الملاك يساورهم الشك أيضا من الرجال الشبقى فى القفز على إناثهم ..وتلويث أوانيهم الجنسية مما ينتج أطفال غير مقبول أن تنتقل لهم الثروة ..لذا ظهرت الرغبة فى تقييد العمليات الجنسية خارج مؤسسسة الزواج وإعطاء لها صفة الزنا .

كان من الضرورى أن يتم كبح جماح الغريزة الموجودة فى الأخر والذى يتعطش فى ممارسة شبقه فى حريم المالك والمستحوذ ..ولكن ما العمل أمام هذه القوة العارمة مع عدم وجود وسائل ردع كافية فى أيدى الملاك .؟
يلزم هنا تجنيد إله القبيلة فى هذه المعركة أى تحويل الإله إلى بوليس سمائى يتولى الردع والترهيب .. ولم يكن الإنسان فى بادئ الأمر يهتم بقضية وجود عالم أخروى يمارس فيه العذاب للزناة ..بل كانت رهبة الإنسان فى حيز خوفه على يومه وغده وحجم المصائب التى يمكن أن يلقاها من غضب الإله على الأرض ...وبالطبع إنضم فى فترة لاحقة لقائمة العقوبات والمصائب المحرقة السمائية التى ستتم للزناة .

من خلال تبلور مجتمع الملاك والعبيد ..ظهرت منظومة مؤسسة الزواج وتم ترسيخها ورسم ملامحها وإقامة تحصينات تحافظ بقدر الإمكان على نقاء الأوعية الجنسية ,
وتم تصوير أن الإله ينزعج من الممارسات الجنسية خارج مؤسسة الزواج بالرغم عدم إختلافها كشهوة ورغبة وفعل ديناميكى عما تتم ممارسته داخل مؤسسة الزواج .

وعندما نحاول أن نسأل عن سر الإنزعاج الإلهى من فعل الزنا يبادر من يحاول أن يجد إجابة منطقية هو الخوف والقلق من إختلاط الانساب ..
هذا يدفعنا للسؤال وهل الله سيصيبه الإرتباك من إختلاط الأنساب .؟!!
من معين هذه الإجابة نتلمس أن الإنسان أسقط رغباته ورؤيته على إلهه وجعله يتبنى وجهة نظره ورغبته .

لست فى مجال تحليل قضية الممارسات الجنسية خارج مؤسسة الزواج فهذه قضية اخرى ترتبط بشكل علاقات الإنتاج, ولكن نحن بصدد كشف رغبات وإرادات إنسانية طلبت أن تتواجد ثم أحاطت نفسها بشرنقة وتابو المقدس .


 

تجريم الخطاب الصحوي

تجريم الخطاب الصحوي


نضال نعيسة



لا يعنيني الفكر الشيعي، إلا بقدر ما يعنيني الفكر الوهابي، ورموز هذا التيار مع ذاك هم بالنسبة لي بشر أكن لهم المودة والاحترام بناء على إنسانيتهم فقط، وليس لأي اعتبار آخر، وبالرغم من اختلاف الآراء معهم. ومع الاعتراف بأن هناك ناظماً مشتركاً بين جميع المذاهب والأديان ومهما ادعت وزعمت عن خلاف وافتراق، فجوهر الفكر الديني واحد في كل الحالات، وهو التسليم بالأسطورة الدينية في النظرة الفلسفية للكون والوجود وتفسير سر الحياة، والإقرار بأن الله هو خالق كل الأشياء. ومن هنا فلست من أنصار لا هذا ولا ذاك، ولست في معرض الدفاع عن أحد على الإطلاق، غير أنه، ومن وجهة نظر قانونية وإنسانية، من الضروري، جداً، التصدي، وبآليات قانونية محضة، للتحريض وبث الكراهية، للجم الاندفاع الصحوي المحموم وتجريمه وإصدار التشريعات والقوانين التي تجرم وتحاسب كل شطط وانحراف وتطاول على الآخرين، وإن لم يتم ذلك عبر آليات محلية، لأنه أمر مستبعد فمعظم هذه المنظومة المسماة دولاً عربية هي بشكل أو بآخر مجرد إمارات إسلامية تمارس إرهاب الدولة الديني المنظم وتعمل على نشر الكراهية والعنصرية، فمن الواجب اللجوء، وهذه الحال، إلى القضاء الدولي الأكثر مصداقية ونزاهة ووثوقاً لمحاكمة الصحويين والدعويين الذين يتطاولون على الطوائف والمذاهب والأديان الأخرى وممثليها ويعملون على ازدرائها وتحطيطها وتحقيرها وتخوينها، ولدرجة أن بعض العقلانيين ودعاة المركسة، الذين يركبون كل موجة، باتوا يقلدون شيوخ الصحوة في نظرتهم للآخر المختلف والأمثلة أكثر من "الهم على القلب".

ومناسبة هذا الكلام هو تلك التصريحات الاستفزازية والعدوانية والتحريضية المثيرة التي أدلى بها فضيلة الشيخ الداعية الفضائي والنجم التلفزيوني، محمد العريفي ( أليس غريباً أن نجوم ومشاهير هذه المجتمعات هم من الشيوخ والدعاة؟)، وهو خطيب جامع البوادري، بحق المرجع الديني الشيعي العراقي الكبير آية الله علي السيستاني، واصفاً إياه، علناً، بالزنديق الفاجر ووصف العريفي السيستاني بذلك، في خطبة الجمعة بجامع الرياض قبل أسبوعين، وجاء ذلك في معرض مناقشة مقترح الحوثيين بأن يكون السيستاني وسيطاً في حوارهم مع الحكومة اليمنية، معتبراً ذلك خبثاً من الحوثيين ‘’إذ لم يختاروا شخصية من كبار علماء السعودية أو مصر بل اختاروا شخصاً زنديقاً وفاجراً’’ حسب ما قال. هكذا بكل بساطة وعلى الملأ. ولا يعرف في الحقيقة معيار الزندقة والفجور في فكر هذا الشيخ الفاضل، إلا إذا كان الاختلاف بالرأي والمعتقد هو زندقة وفجور بحسب ثقافة وفكر الشيخ العريفي وهو بالضرورة والمآل يعبر عن ثقافة ومخيال وعقل جمعي عام لديه مثل هذه القناعات ومتجذرة في بواطن التيار الجمعي العام.

هذا التلعين المخيف والمرعب، وبكل عصبوية وعنصرية واستعلاء، والمنفلت والخارج عن السيطرة، وقبله تصريحات الشيخ القرضاوي بحق المواطنين المسيحيين وضرورة مقاطعتهم، هو في صلب ثقافة متداولة تبدو عادية ولا تثير أي هواجس لدى متلقيها، لكنه من منظور قانوني وأخلاقي وإنساني، جناية ومخالفة صريحة للقوانين العصرية والتشريعات الإنسانية الحداثية التي لم تعرف طريقها بعد لهذه المنظومات الدينية المتدروشة المسماة دولاً عربية، حيث بإمكان أي إنسان ها هنا أن يطلق أي كلام على عواهنه، من هذا القبيل، أو أخطر كدعوة للقتل، ودونما خوف من أية محاسبة أو مساءلة قانونية، ومستقوياً بتلك الثقافة الطلقائية التحريضية التي تبيح التهجم على الآخر وازدرائه وتلعينه وتجاهل وجوده كلياً، والحط من قدره، وهي، ذاتها، التي أتاحت لوزير ثقافة من "إياهم"، كي يصرح، وعلناً ومن منبر إعلامي عام، بأننا يجب أن نمكن اللغة العربية فقط من أجل تعلم القرآن والحديث النبوي نافياً عنها وظائفها الحيوية والإنسانية والجمالية والعملية الأخرى، متجاهلاً وناكراً، من خلال هذا القول إلا إذا كان "سماحته" لا يعرف ما يقول ومغزى الكلام، حق آخرين في تعلم هذه اللغة لأنهم لا يدينون بالإسلام، أي تكفير بطريقة ذكية جداً فكل من لا يقرأ القرآن ولا يحفظ الحديث لا يجب أن يتعلم لغة العربان، هكذا، وسط غبطة وفرح وحماس وتأييد مطلق، غير مفهوم من قبل المذيع المعجزة، وفلتة زمانه الآخر، الذي كان يصغي لـ"فتوى" فضيلة وزير ثقافة الطلقاء ، بشيء من الخشوع والتقوى والورع والهيام و"براءة الأطفال في عينيه" وبالإذن من فايزة أحمد ونزار. ماذا تختلف تصريحات هذا الوزير الثقافوي الهمام، الحارس العنيد لثقافة الطلقاء، عن تصريحات العريفي بحق السيستاني، وتصريحات القرضاوي بحق المسيحيين، حين أنكر عليهم الاحتفال بأعياد المجيد وقال بما معناه أن هذه البلاد هي فقط لاحتفالات المسلمين، دون غيرهم، علماً بأن اليهودية والمسيحية كانت ديانة معظم الناس في هذه الأصقاع قبل مجيء الإسلام بوقت طويل؟

يجب ألأ تمر تصريحات فضيلة الشيخ العريفي من دون توقف ومناقشة، ودراسة أبعادها المستقبلية الخطيرة على بقاء ووجود هذه المجتمعات، وشرح خطورتها القانونية، وأن يتم إيضاح مدى ما تسببه من أذى وضرر على صعيد الوحدة والتلاحم المجتمعي الضروري لبقاء واستمرار هذه الشعوب والمجتمعات التي ستفتك بها، ولاشك هذه التيارات التحريضية، ومخطئ من يظن نفسه بمنأى عن تلك النيران التي يوقدها بين حين وآخر، ويسمح بها لمثل هؤلاء ويوفر لهم المنابر ووسائل الإعلام. نعم لقد ارتكب الشيخ العريفي جناية السب والقذف والشتم العلني واستخدام الألفاظ النابية التي يحاسب عليها القانون في كل مكان فيه قانون، وفي كل البلدان التي تلتزم بالتشريعات العصرية والإنسانية الحديثة.

الخطاب الديني الصحوي التحريضي، الممول والمحتضن رسمياً من الإمارات الدينية الاستبدادية التي تهيمن على شعوب المنطقة، هو فكر تدميري تفجيري حربجي صدامي واستفزازي وقتالي وفوضوي بشكله الحالي، وفوق ذلك كله هو غير إنساني أو أخلاقي ولا قانوني، ويشكل خطراً على الأمن والسلم الأهلي والمجتمعي لاسيما في عالم يتوجه نحو التعولم والاندماج وفتح الحدود وتلاقح الشعوب والثقافات والحضارات، وبات من الضروري وضع الضوابط والأطر والنواظم القانونية المانعة لتسببه في كوارث مجتمعية وحروب أهلية قادمة، لا تبقي ولا تذر، إذا ما ترك على غاربه تحت سمع وبصر الخلفاء وولاة أمر وأئمة المسلمين وحكوماتهم. نعم لقد بات من الضروري والواجب تجريم هذا الفكر، وقبل ذلك كله، تجريم أصحابه ومردديه والحجر على عليهم في مصحات نفسية وعقلية وإعادة تأهيلهم إنسانياً، وأخلاقياً، وقانونياً (لا تنسوا أيضاً بطريقكم سماحة الوزير الثقافوي ذاك، ما غيره)، وباعتبارهم يشكلون جميعاً مصدر خطر حقيقي على هذه الشعوب، والمجتمعات والإنسانية جمعاء.

آليات التطرف والاعتدال في الإسلام

ثائر الناشف
 آليات التطرف والاعتدال في الإسلام

بداية لا يشي هذا العنوان "الاستنتاج" أن الإسلام بات محشوراً في زاوية ضيقة، فإما أن يكون بسلوك أفراده رمزاً للتطرف أو للاعتدال، ولا خيار ثالث يمكن أن يتوسط بين هذين النقيضين.
فكما أن اعتدال بعض المسلمين ، هو في أساسه اعتدال سياسي أكثر منه ديني ، يتأتى في سياق ممارساتهم السياسية والاجتماعية وحتى الثقافية ، كذلك الأمر بالنسبة للتطرف ، الذي لا ينبغي أن يظهر إلا من خلال صورة السياسة ، ولو أنه غالباً ما يُرى على صورة الدين ، لارتباطه العميق بصورة الأشخاص (المسلمون) الذين يقومون بممارسته .
لطالما فهم الاعتدال في الإسلام على أنه اعتدال في السياسة ، فمن المحتم أن يفهم التطرف على أنه تطرف في الدين ، مع العلم أن التطرف والاعتدال نقيضان لا يلتقيان في الإسلام ، إذا ما أخذنا بفرضية عدم التقاء السياسي "الاعتدال" بالديني "التطرف" ، فإن هذه التوصيفات الجاهزة ، لا تعطينا حكماً قاطعاً ومبرماً حول حقيقة التطرف والاعتدال في الإسلام ، قدر ما تعطينا أحكام مسبقة يعوزها المنطق السليم.
وبالعودة إلى تحديد أسباب التطرف غير التقليدية المعمول بها أكاديمياً ، والتي تبين أنها لا تقنع أحداً ، بمن فيهم مطلقيها الغربيون ، لتبين لنا ثانية ، أن العلاقة السلبية بين دين وآخر، بفعل التراكمات والرواسب التاريخية العميقة بينهما ، تدفع نحو انتهاج منهج التطرف أكثر مما تدفع إلى الاعتدال ، والإسلاميين أنفسهم يقرون ذلك ، عندما تتناهى إلى مسامعهم خطابات سياسية تحمل في طياتها التبشير بحرب صليبية جديدة ، فإن ذلك سيدفعهم إلى أقصى درجات التطرف ، ليس دفاعاً عن دينهم وحسب ، بل عن كيانهم السياسي والديني في آن.
لا نشك لحظة واحدة ، أن للتطرف أسبابة الأخرى ، بل ومدارسه التي ينهل منها جملة الأسباب التي تدفع به نحو التطرف ، فالإنسان المتطرف ، ليس هو الإنسان المسلم ، وبالطبع ليس هو المسيحي ، لأنه لو كان هذا الإنسان المتطرف مسلماً ، لانعدم وجود نقيضه المعتدل ، سيما وأن الغرب يقر بوجوده ويسعى إلى دعمه والتعاون معه في شتى مجالات الحياة ، مثلما يسعى إلى محاربة نقيضه المتطرف .
كما أن الإسلام ، وهذا ليس دفاعاً عن أي مذهب أو عقيدة ، ليس كله على صورة واحدة ، فصورة المسلم الأوروبي تختلف اختلافاً عميقاً عن صورة المسلم الأفريقي أو الأسيوي ، وهو ما يطرح سؤالاً عميقاً ، لماذا يختلف سلوك المسلم الأوروبي عن نظيرة الأسيوي ؟ وأدل جواب نراه في صورة الإسلام الأوروبي الذي تمثله تركيا، مقابل صورة الإسلام الأسيوي الذي تمثله إيران، وبطبيعة الحال ليست المسافة التاريخية والجغرافية بينهما بعمق المسافة الشاسعة بين الشرق والغرب.
كل هذا يؤكد بصورة شبة نهائية ، أن تطرف الفرد المسلم أو الجماعة ، لا يرتبط ببقعة جغرافية معينة ، وإن ارتبط نتيجة لظروف سياسية راهنة ، فإنه لا يمكن أن يمتد تأثيره الأيديولوجي إلى البقاع الأخرى ، لأن التطرف لا ينتقل على هيئة أفكار ، بقدر ما ينتقل على صورة أفعال تترجم أفكارها على الأرض ، وهنا تجدر الإشارة إلى أن المسلمين هم الأكثر تضرراً من ذيول التطرف والتطرف المضاد ، فما يمارس على أرضهم من سياسات عالمية ، لها جملة اعتباراتها ومصالحها التي تتعدى الحدود ، وقد أسهمت في استيلاد ذلك الكم الهائل من الأفكار التي أنتجت في نهاية الأمر أفعالاً أقل ما يقال عنها أنها متطرفة ضد نفسها ، أي ضد محيطها المحلي ، وضد الآخر.
ولعل مكمن الخطورة العميقة يتمثل في التطرف المضاد الذي يستهدف الداخل قبل الخارج ، أو أنه يستهدف الخارج من خلال الداخل، كما حصل في باكستان على مدى العقود الماضية .
إن المعركة الأساسية اليوم لا تدور حول القيم والأفكار ، بين مَن يقدس ثقافة الموت ومَن يؤمن بثقافة الحياة ، إنما تدور رحاها ، بين مَن ينتهج نهج التطرف سبيلاً إلى إثبات الذات بالقوة، ومَن ينهج الاعتدال دفاعاً عن تلك الذات ، والإسلام بواقعه الراهن هو الخاسر الأكبر من جراء تلك المعركة غير المتكافئة.
فحقيقة أن الإسلام دين الوسطية ، لم تعد تقنع المسلمين أنفسهم ، فما بالنا بغير المسلمين ، أو من لا وصاية على عقله ، وبقدر ما يزداد حيز التطرف ، يتناقص حيز الاعتدال و يضمحل ، والعكس بالعكس ، فالعلاقة بين التطرف والاعتدال باتت علاقة طردية ، كما أنها علاقة واقعية تستقطب الإسلام بين جنباتها استقطاباً حاداً.
ناقل القول ، إن التطرف والاعتدال ، ظاهرتان سياستان أكثر منهما دينيتان ، فلهما شروطها السياسية اللتان يعملان في حقلها ، والتطرف كما هو موجود في السياسة لأسباب دينية ، موجود أيضاً في الدين لأسباب سياسية ، فكما أن السياسي يتطرف في سياسته عندما يتقرب من الدين ، كذلك الحال بالنسبة للديني الذي يتطرف في دينه عند اقترابه من السياسة .
من هنا نخلص إلى أن النصوص وحدها لا تولد التطرف آلياً، بل قد تدفع إليه بسبب تلك النصوص وأحكامها، فلو كان القرآن وحده ينضح بآيات العنف، فإن في الأديان الأخرى ما يزيد عنه أو يساويه في الدعوة إلى انتهاج العنف، فالصحيح أن العامل الديني عندما يتقاطع مع العامل السياسي ، يتولد التطرف من تلقاء نفسه ، وكلما ابتعد
أحدهما عن الآخر ، ساد الاعتدال بدل التطرف .

 
Free Hit Counter Search Engine Submission - AddMe