الأربعاء، 18 نوفمبر 2009

هلوسات صحوة الموت الإصلاح حسب فقه النصر و التمكين سيد القمنى

هلوسات صحوة الموت
الإصلاح حسب فقه النصر و التمكين

بعد أن يشرح لنا الدكتور محمد عمارة منهج الوسطية الذى هو منهج الإسلام الصحيح، يوضح معنى مصطلح (الاستعلاء ) ، بكونه لونا من "الكبرياء المشروع فنعتز بحضارتنا و بديننا و بلغتنا و بأمتنا و بثقافتنا و بكبريائنا /الجزيرة/خطاب الهوية".
المهم أن هذا الاستعلاء بما لدينا من مبررات الكبرياء على العالمين ، يصيب صاحبه بالأوهام و لا يعود يفرق بين الممكن و المستحيل، ففقهاؤنا المحدثون يرون أن المسلمين فى طريقهم نحو التمكين، و أن لهذا التمكين علامات، فيضيف الدكتور على الصلابى : "إن القول بأن الأمة دمرت أو أنها مهزومة ..فهو قول غير صحيح، لأن الأمة تحقق انتصارات .. و هذا من فضل الله سبحانه و تعالى،..إن المستقبل لهذا الدين ، و يأبى الله إلا أن يتم نوره/الجزيرة/فقه النصر و التمكين" .
و من ثم يقدم أدلته على الانتصارات التى تحققت للأمة الإسلامية و لدين الإسلام، فيشير الى :"الانهيار الضخم للاتحاد السوفييتى،و انهيار أمريكا(؟!! .. ربما يقصد ورطتها فى العراق أو ربما يقصد دمار سبتمبر 2001 ) ، و أوروبا فى دور التراجع فى المجال الفكرى و العقائدى و الأخلاقى و الحضارى..روسيا تريد أن تفتح مصارف إسلامية و كذلك اليابان ..أصبحت حقيقة أن الفكر الإسلامى الاقتصادى يحل أزمات حقيقية.. و أيضا فى المشاركة فى الحكم مع الأنظمة القائمة.. أصبحت مرجعية الدساتير لكتاب الله و لسنة رسوله.. الشعب التركى أعطاهم الأصوات ، نجاح المسلمين فى مقاومة المشاريع الغازية للأمة دليل على أنها نوع من التمكين، الإنتصارات الدعوية الضخمة.. فى مجال الفكر و الأخلاق..انتصارهم فى المعارك..بأفغانستان..و تفتت قبلها الاستعمار الحديث، .. إن هذه انتصارات ضخمة و هائلة /ذات الحلقة". هذا بالطبع إضافة للانتصارات العسكرية المؤزرة على الأمريكيين فى العراق وافغانستان وعلى الجيش الإسرائيلى فى لبنان وغزة !!!
و فى حلقة الصحوة الإسلامية و مآلاتها بذات القناة ، يؤكد الدكتور قرضاوى أن الصحوة الإسلامية هى دليل الإنتصار ،لأنها كما يقول : صحوة"اجتماعية سياسية فكرية، الكتاب الإسلامى أصبح الكتاب الأول..هناك مئات أطروحات الماجستير و الدكتوراة ..الشابات يقبلن على الحجاب".
إن خطاب فقهائنا المحدثون يصيب المتابع بالارتباك ، فنحن نستعلى إذن على الدنيا بدين جاء من عند الله و ليس بشىء أنجزناه نحن بأيدينا ، لذلك اخترنا أنفسنا أوصياء على البشرية القاصرة ، لتبليغها هذا الدين و التمكين للمسلمين فى الأرض!! لماذا و بأى مناسبة و بأى دليل موضوعى؟ هم لا يقولون و لا يجيبون، فعندهم ليس هناك إمكانية مقارنة بين إمكانيات الشعوب ومنجزاتها وبين دين اللة ، فالدين الإسلامى ميزة لأصحابه تغنيهم عن أى إمكانيات أخرى ، لذلك هم الأعلون
فإذا كان ذلك صحيحا و أن الأمة تملك ميزة لا تملكها الأمم الأخرى، فلماذا تخرج المظاهرات فى بلادنا تطالب بحقوق الإنسان و الديمقراطية ، ولا تخرج المظاهرات فى أوروبا و أمريكا و اليابان تطالب بالبيعة أو الشورى و الحجاب و الجهاد؟
مشكلة أخرى تواجهك مع مثل هذا الخطاب،عند التساؤل عمن الذى سيتمكن ؟ مرة يحدثك عن الأمة و مرة يحدثك عن الدين ، فاذا كانت الأمة هى من سيتمكن فهى تتكون من مجموع أفراد ، فأين هؤلاء الأفراد أو حقوقهم فى خطاب التمكين ؟ لا تجدهم هما شاغلا بالمرة، لأن الورقة المخفية فى اللعبة هى من هؤلاء المرشحين للتمكين؟ يجيب : هم من يشاركون الآن فى أنظمة الحكم بانتصارات جبارة، و هم من أعطاهم الشعب التركى أصواته، فالذين سيتمكنون هم مثل الإخوان المسلمين الذين تمكنوا من المشاركة فى حكومات عربية، و حزب العدالة و التنمية الإسلامى التركى ، و أيضا من الذين يتمكنون ، هؤلاء الذين يقاومون كما يحدث فى أفغانستان ناهيك عن حماس وحزب اللة ؟!
من يوم ما أمسكت القلم باكتب و أكرر و أقول و أزيد ( كلهم واحد ) ، و لاأذن تسمع و لا بصيرة ترى ، هذا رجل فى فلتة لسانية يرى الإخوان و حزب الفضيلة و بن لادن والزرقاويين هم من يسعون للتمكين، و هم أهل التمكين ، دون بقية المسلمبن ، ودون أن يفرق بينهم أو يمايز أو يفاضل ، و ان المستقبل لهم، بعد أن يمزج بينهم كبنى آدمين بصوابهم و نقائصهم وبين الدين الكامل النظيف، فالعلماء هم الإسلام، لينتهى الى أن ذلكم هم من سيمكنون للدين عندما ينتصرون. وهكذا فالطريق الى الله سيمر عبر حروب دموية جديدة.
و كم كنا نتمنى للفكر الفقهى المعاصر أن يكون قد تجاوز هذه العثرة، عثرة أن يكون الطريق الى الله مفروشا بدم خلق الله،كما الزرقاوى و كما بن لادن وكما السيد نصراللة وكما ابن هنية و كما بن السباعى سفيه لندن، و كما بن القرضاوى و كما بن عاكف، و كما بن هويدى، كلهم فى الدموية ملة واحدة. أضف لذلك أنهم يتجملون بوصول حزب إسلامى إلى السلطة فى تركيا مجرد تجمل، لأنهم يرفضون المنهج العلمانى الليبرالى الديمراطى برمته ، و يعلنون تبنى الديمقراطية كمجرد واجهة و تطبيقا لمنهج التقية،أنظر مفاجأة المذيع للدكتور الصلابى و هو يسأله : "إذن أنتم تعتبرون حزب العدالة و التنمية هو نموذج إسلامى صالح ليسير بالأمة نحو النصر و التمكين؟".
السؤال جاء بغته فانظر إجابة الصلابى الذى ارتبكت صلابته فقام يغمغم بالنص : " لأ،هوه .... نحن نعتبر، ... هوه ... طبعا نعتبر .... أن، .... هم لهم علاقات بأمريكا و اعترفوا بإسرائيل، هذا نوع من السياسة الشرعية عليها جدل بين المسلمين و نحن يهمنا المضمون لا الشعارات".

التمكين إذن لن يكون لا للإسلام ولا للأمة الإسلامية ، إنما للفريق الإسلامى الذى سيركب الأمة ليوجهها نحو حرب عالمية مقبلة يجهز لها أصحاب التمكين، ستكون بين المسلمين فى جانب و العالم كله فى جانب آخر، اسمع السيد الدكتور يشرح معنى التمكين فيقول :"التمكين الذى ندعو اليه هو التمكين الربانى ..و مانراه من تمكين مادى فى الحضارة الغربيةأو الأمريكية أو فى اليابان فهو دنيوى يعزل الناس..التمكين يبدأ بالاستدراج، استدراج الأمم و الشعوب ... التمكين هو الوصول إلى السلطة و إلى القوة و الهيمنة لتحكيم شرع الله..و الهدف الأكبر ..هو هيمنة هذه الأمة الأمة و إرجاع دورها الحضارى فى هداية الناس ..الهدف الوصول للدولة لاستخدام هذه الدولة فى تطبيق شرع الله" .
مرة أخرى لا تجد فى واجهة الصورة أى وجود للمواطن،لا تجد فاعلا سوى رجل الدين، فالتمكين مسألة تحتاج كما يقول: إلى "العلماء لإتمام صياغة هذا المشروع الإسلامى الحضارى للتصدى للغزو الغربى و أفكاره الدخيلة ". و هو ما يدعمه فيه بشدة المرجع الفقهى د.يوسف قرضاوى،و إن رأى أن "العلماء التقاة هم من يعرض المشروع على الأمة/حلقة الدستور و مرجعية الشريع/الجزيرة"،و بعدها كما يقول الصلابى"يأتى دور صاحب القرار السياسى مع العلماء الربانيين فى بلورة هذا المشروع".. و لا تفهم هنا كيف تكون الأمة منتصرة كل هذه الإنتصارات التى يزهو بها ، بينما هى قد بلغت درجة من الضعف تعرضت فيه ثقافتها للهزال و التآكل ، حتى أمكن أن تتعرض للغزو الغربى الحضارى و أفكاره الدخيلة ، حتى أن التمكين يجب أن يبدأ أولا بصياغة مشروع ليتصدى للغزو الفكرى.
نتابع فضيلته يشرح معنى التمكين، فيكرر:" هو نوع من أنواع الاستدراج:(فلما نسوا ماذكروا به، فتحنا عليهم أبواب كل شىء) ، و أمريكا الآن متورطة فى العراق، و نحن نحى المقاومة العراقية السنية الباسلة على إفساد مخططاتهم ".
مع مشايخ زماننا تجد نفسك دوما فى مشكلة مع المفاهيم ، فلا تفهم لماذا لا يؤهلون شعوبنا للصراع الحضارى ؟ فنكون شعوبا فاعلة منتجة تدخل المنافسة مع الشعوب الأخرى ، فنضيف للحضارة ، و تصبح بلادنا موجودة على الخريطة فعلا !! لا تفهم لماذا كى يتقدم المسلمون لابد أن يتم خراب بيوت غيرهم و انهيار حضارتهم أولا..و بعدها يبدأ غزونا لهم لنتمكن فى الأرض، فهذا هو درس التاريخ، انظره يقول : "بالدماء و بالعقيدة الصحيحة و بحب الشهادة فى سبيل الله، استطاع المسلمون أن يحققوا انتصارات هائلة".
و التمكين المنتظر ليس فوضى ، إنما هو يسير على قانون تطورى مرسوم سلفا، و يشرح الأستاذ الدكتور هذه المراحل فيقول :"فى القرآن الكريم التمكين على مستوى الأفراد مثل ماحدث ليوسف، ثم تمكين على مستوى الجماعات ..كما حدث لرسول الله، المرحلة الثالثة مرحلة الانتقال فى التيه (تيه بنى إسرائيل و موسى فى سيناء) ، و المرحلة الرابعة طالوت مع جالوت، و المرحلة الخامسة مرحلة داود و بعدها مرحلة سليمان.. هذه هى دورتنا الحضارية ، و لكل مرحلة سمات محددة".
إذن فحضارتنا لها دورة ... مش أى كلام يعنى !! مثل دورة حياة دودة الذباب ، وتبدأ دورة التمكين بالتسلل إلى الحكومة كما حدث ليوسف فى استدراج فرعون ليعرف بقدراته فتمكن،(وهوما يشبه ماحدث من الإخوان فى اختراق اجهزة الدولة الحساسة فى أيامنا ) ، و قد يكون التمكين كاملا على الجماعة الكبرى ، من قبل مجموعة منها ، و قد عرفنا هذه الجماعة المرشحة للإستيلاء على الحكم ، فهم مثل الإخوان ومثل القاعدة ومثل طالبان ومثل حزب اللة ومثل حماس ، و ذلك كما حدث زمن رسول الله (ص). ثم تاتى المرحلة الثالثة و هى مرحلة التيه وهى التى نعيشها اليوم، و التيه يعنى البحث عن خلاص و العثور على الطريق نحو الهدف ، مثل خروج بنى إسرائيل بقيادة موسى من مصر نحو فلسطين، و التيه حدث فى سيناء حتى تم حشد القوة و القدرة الممكنة لغزو فلسطين و احتلالاها. إذن نحن فى مرحلة حشد القوة للغزو الخارجى ، هنا تأتى مرحلة طالوت و جالوت، و طالوت بالتوراة هو شاؤول أول ملك لإسرائيل، و جالوت هو جوليات بالتوراة الذى كان قائدا فلسطينيا يدافع عن فلسطين ضد الغزو اليهودى، و قد انتصر طالوت الإسرائيلى على جالوت الفلسطينى بعد قتال مرير، و المعنى أنه ستكون هناك حربا ضرورية حسب هذه المراحل التطورية لينتصر فيها المسلمون مع طالوت على اليهود الذين أصبحوا حسب هذا الفهم مع جالوت ، (بالطبع بعد إجراء عملية أسلمة لطالوت كما تمت أسلمة جميع الأنبياء قبله وبعدة).
و إذا ما تساءلنا عن موقع معاهدات السلام بين العرب و اسرائيل من دورتنا الحضارية و مراحلها نحو التمكين، فإن الشيخ عبدالرحمن بن عبد الخالق يجيبنا فى كتابه : (حكم معاهدات الصلح و السلام مع اليهود و موقف المسلم منها ) بقوله : "اليهود أعداء دائمون لهذه الأمة منذ بدأ رسول الله رسالته و إلى ان يخرج الدجال ،إلى ان يستصرخ الحجر و الشجر المسلم قائلا : يا مسلم هذا يهودى ورائى فاقتله/ متفق عليه،و عداء اليهود لأهل الإسلام و رسوله إنما كان حسدا و بغيا أن تنتقل رسالة النبوة من فرع إسحق إلى فرع إسماعيل ، و أن يكون العرب الأميون هم سادة الدنيا بكتاب الله ، ومن ظن أن الحرب و العداوة توضع بين المسلمين و اليهود فهو يكذب بوعد الله و دينه ، و من عمل لإزالة هذه العداوة و البغضاء بين المسلمين و اليهود فهو كافر".
و بعد الانتصار الساحق ، و من فلسطين المحررة و الموحدة على يد داود ( رمزا للمؤمنين ) وربما يكون ابن هنية ، ستبدأ المرحلة الأخيرة من التمكين و هى مرحلة سليمان ، فبعد شاؤول أو طالوت كملك أول لإسرائيل ، جاءت مرحلة الملك داود الذى وحد الدولة وأقام لها المركزية ، كذلك يعتبر داود المؤسس المعتبر للمملكة الإسرائيلية، و بعده جاء ولده سليمان ، و هو فى العقيدة الإسلامية حسب نص الحديث واحد من بين أربعة ملوك تسنى لكل منهم حكم العالم أجمع كله شرقا و غربا و شمالا و جنوبا ، " روى مجاهد عن ابن عباس قال : ملك الأرض كلها أربعة :مؤمنان و كافران، فأما المؤمنان : فسليمان و ذو القرنين، و أما الكافران: فالنمرود بن كنعان و بخت نصر".
المعنى واضح إذن، فالتمكين يبدأ من بلد مسلم تقوده تلك الفئة الخاصة المتخصصة فى التمكين ، لتبدأ بتحرير فلسطين، و قيام حكومة اسلامية عالمية تحتل الأرض كلها من بعد ذلك. و تحقق التمكين بسيادة العرب الأميين على العالمين!!.
هذا كلام يقال فى العلن من على الفضائيات و ليس فى اجتماعات سرية لخلايا إرهابية ، فهل ترى ثمة أمل بعد فى تفهم فقهاء عصرنا لظروف عصرنا ؟ و هل تراهم يعيشون واقع أيامنا بالفعل؟ و هل تلك الأدوات التى عرضوها علينا لتمكنيهم من رقابنا ثم من رقاب العالمين، هى أدوات حقيقية و فاعلة ؟ أم هو خطاب توهمى مريض بشدة ؟ غارق فى تخلفه قرونا إلى الوراء ، و لا يملك بيديه أى إصلاح ممكن لأى شىء .

 
Free Hit Counter Search Engine Submission - AddMe