الخميس، 19 نوفمبر 2009

من رسالة الجاحظ في "مفاخرة الجواري والغلمان"

(…) قال صاحب الغلمان: إن من فضل الغلام على الجارية أن الجارية إذا وُصفت بكمال الحسن قيل: كأنَّها غلام، ووصيفةٌ غلامية. قال الشاعر يصف جارية: لها قدُّ الغلام وعارضاه وتفتير المبتَّلة اللَّعوبِ (…) وأكثر من ذلك قول الشاعر قول الله عزّ وجلّ : "يطوف عليهمْ غلمانٌ لهمْ كأنهم لؤلؤ مكنونٌ" وقال تبارك وتعالى: "يطوف عليهم ولْدانٌ مُخلَّدون. بأكوابٍ وأباريق". فوصفهم في غير موضعٍ من كتابه، وشوَّق إليهم أوْلياءه.
قال صاحب الجواري : قد ذكر الله جلَّ اسمه الحور العين أكثر مما ذكر الولدان، فما حجَّتك في هذا إلا كحجَّتنا عليك. ومما صان الله به النِّساء أنَّه جعل في جميع الأحكام شاهدين : منها الإشراك بالله، وقتل النَّفْس التي حرم الله تعالى، وجعل الشهادة على المرأة إذا رُميت بالزِّنا أربعةً مجتمعين غير مفترقين في موضعٍ، يشهدون أنَّهم رأوه مثل الميل في المُكحُلة. وهذا شيءٌ عسير، لما إراد الله من إغماض هذا الحد إذ جعل فيه الشَّدخ بالحجارة. وإنما خلق الله الرِّجال بالنساء. وريح الجارية أطيب، وثيابها أعطر، ومشيتها أحسن، ونغْمتها أرق، والقلوب إليها أمْيل. ومتى أردتها من قُدَّامٍ أو خَلْفٍ من حيث يحسن ويحلّ وجدت ذلك كما قال الشاعر: وصيفةٌ كالغلامِ تصلح لـل أمرين كالغُصن في تثنِّيهـا أكملها اللهُ ثـم قـال لـهـا لما استتمَّت في حُسنها : إيها قال: ونظر بعض الحاجِّ إلى جاريةٍ كأنها دمية في محراب، قد أبْدت عن ذراعٍ كأنه جُمارة، وهي تكلَّمُ بالرَّفث، فقال: يا هذه، تكلَّمين بمثل هذا وأنت حاجَّة! قالت: لست حاجّة، وإنما يحجُّ الجمل، ألست تراني جالسةً وهو يمشي! قال: ويحك، لم أر مثلك فمن أنت؟ قالت : أنا من اللواتي وصفهنَّ الشَّاعر فقال : ودَقّت وجَلَّت واسبكرّت وأُكملتْ فلو جُنَّ إنسانٌ من الحسن جُنَّتِ
قال صاحب الغلمان : إنّ أحداً لا يدخل الجنّة إلا أمرد، كما جاء في الحديث : "إن أهل الجنّة يدخلونها جُرْداً مكحَّلين". والنِّساء إلى المُرْدِ أمْيل، ولهم أشهى، كما قال الأعشى: وأرى الغواني لا يواصلن امرأً فقد الشَّباب وقد يصلْن الأمردا وقال امرؤ القيس: فيا رُبَّ يومٍ قد أروحُ مرجَّـلاً حبيباً إلى البيض الأوانسِ أملسا أراهن لا يُحببن من قلَّ مالـه ولا من رأين الشَّيب فيه وقوَّسا وقال عَلْقمة بن عبدة: فإنْ تسألوني بالنِّساء فـإنّـنـي بصيرٌ بأدواء النِّساء طـبـيبُ إذا شاب رأس المرء أو قلّ ماله فليس له في ودِّهنَّ نـصـيبُ يُردْن ثراء المال حيث علمنـه وشرخُ الشَّباب عندهنَّ عجـيبُ
قال صاحب الجواري : فإن الحديث قد جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم : "حُبِّبت إليَّ النِّساء والطِّيب، وجعل قُرَّة عيني في الصلاة". ولم يأت للغلمان مثل هذه الفضيلة. وقد فُتن بالنساء الأنبياء عليهم السلام، منهم داود، ويُوسف، عليهما السلام.
قال صاحب الغلمان : لو لم يكن من بليّة النساء إلاّ أنّ الزِّنا لا يكون إلاّ بهنّ، وقد جاء في ذلك من التغليظ ما لم يأتِ في غيره في الكتاب نصّاً، وفي الروايات الصحيحة. قال الله تبارك وتعالى : "ولا تقْربوا الزِّنا إنَّه كان فاحشةً وساء سبيلاً"، وقال: "ولا يزْنون ومنْ يفعلْ ذلك يًلْقَ أثاماً. يُضاعف له العذاب يوم القيامة ويخْلُدْ فيه مُهاناً"، وقال: "الزَّانية والزَّاني فاجلدوا كلَّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ ولا تأخذْكم بهما رأفةٌ". وقد جعل بينهما إذا لم يكن شهودٌ التلاعن والفرقة في عاجل الدُّنيا، إلى ما أعدَّ للكاذب منهما من اللَّعن والغضب في الآخرة.
(…) قال صاحب الغلمان: إن من فضل الغلام على الجارية أن الجارية إذا وُصفت بكمال الحسن قيل: كأنَّها غلام، ووصيفةٌ غلامية. قال الشاعر يصف جارية: لها قدُّ الغلام وعارضاه وتفتير المبتَّلة اللَّعوبِ (…) وأكثر من ذلك قول الشاعر قول الله عزّ وجلّ : "يطوف عليهمْ غلمانٌ لهمْ كأنهم لؤلؤ مكنونٌ" وقال تبارك وتعالى: "يطوف عليهم ولْدانٌ مُخلَّدون. بأكوابٍ وأباريق". فوصفهم في غير موضعٍ من كتابه، وشوَّق إليهم أوْلياءه.
قال صاحب الجواري : قد ذكر الله جلَّ اسمه الحور العين أكثر مما ذكر الولدان، فما حجَّتك في هذا إلا كحجَّتنا عليك. ومما صان الله به النِّساء أنَّه جعل في جميع الأحكام شاهدين : منها الإشراك بالله، وقتل النَّفْس التي حرم الله تعالى، وجعل الشهادة على المرأة إذا رُميت بالزِّنا أربعةً مجتمعين غير مفترقين في موضعٍ، يشهدون أنَّهم رأوه مثل الميل في المُكحُلة. وهذا شيءٌ عسير، لما إراد الله من إغماض هذا الحد إذ جعل فيه الشَّدخ بالحجارة. وإنما خلق الله الرِّجال بالنساء. وريح الجارية أطيب، وثيابها أعطر، ومشيتها أحسن، ونغْمتها أرق، والقلوب إليها أمْيل. ومتى أردتها من قُدَّامٍ أو خَلْفٍ من حيث يحسن ويحلّ وجدت ذلك كما قال الشاعر: وصيفةٌ كالغلامِ تصلح لـل أمرين كالغُصن في تثنِّيهـا أكملها اللهُ ثـم قـال لـهـا لما استتمَّت في حُسنها : إيها قال: ونظر بعض الحاجِّ إلى جاريةٍ كأنها دمية في محراب، قد أبْدت عن ذراعٍ كأنه جُمارة، وهي تكلَّمُ بالرَّفث، فقال: يا هذه، تكلَّمين بمثل هذا وأنت حاجَّة! قالت: لست حاجّة، وإنما يحجُّ الجمل، ألست تراني جالسةً وهو يمشي! قال: ويحك، لم أر مثلك فمن أنت؟ قالت : أنا من اللواتي وصفهنَّ الشَّاعر فقال : ودَقّت وجَلَّت واسبكرّت وأُكملتْ فلو جُنَّ إنسانٌ من الحسن جُنَّتِ
قال صاحب الغلمان : إنّ أحداً لا يدخل الجنّة إلا أمرد، كما جاء في الحديث : "إن أهل الجنّة يدخلونها جُرْداً مكحَّلين". والنِّساء إلى المُرْدِ أمْيل، ولهم أشهى، كما قال الأعشى: وأرى الغواني لا يواصلن امرأً فقد الشَّباب وقد يصلْن الأمردا وقال امرؤ القيس: فيا رُبَّ يومٍ قد أروحُ مرجَّـلاً حبيباً إلى البيض الأوانسِ أملسا أراهن لا يُحببن من قلَّ مالـه ولا من رأين الشَّيب فيه وقوَّسا وقال عَلْقمة بن عبدة: فإنْ تسألوني بالنِّساء فـإنّـنـي بصيرٌ بأدواء النِّساء طـبـيبُ إذا شاب رأس المرء أو قلّ ماله فليس له في ودِّهنَّ نـصـيبُ يُردْن ثراء المال حيث علمنـه وشرخُ الشَّباب عندهنَّ عجـيبُ
قال صاحب الجواري : فإن الحديث قد جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم : "حُبِّبت إليَّ النِّساء والطِّيب، وجعل قُرَّة عيني في الصلاة". ولم يأت للغلمان مثل هذه الفضيلة. وقد فُتن بالنساء الأنبياء عليهم السلام، منهم داود، ويُوسف، عليهما السلام.
قال صاحب الغلمان : لو لم يكن من بليّة النساء إلاّ أنّ الزِّنا لا يكون إلاّ بهنّ، وقد جاء في ذلك من التغليظ ما لم يأتِ في غيره في الكتاب نصّاً، وفي الروايات الصحيحة. قال الله تبارك وتعالى : "ولا تقْربوا الزِّنا إنَّه كان فاحشةً وساء سبيلاً"، وقال: "ولا يزْنون ومنْ يفعلْ ذلك يًلْقَ أثاماً. يُضاعف له العذاب يوم القيامة ويخْلُدْ فيه مُهاناً"، وقال: "الزَّانية والزَّاني فاجلدوا كلَّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ ولا تأخذْكم بهما رأفةٌ". وقد جعل بينهما إذا لم يكن شهودٌ التلاعن والفرقة في عاجل الدُّنيا، إلى ما أعدَّ للكاذب منهما من اللَّعن والغضب في الآخرة.
قال صاحب الجواري : ما جعل الله من الحدّ على الزَّاني إلاّ ما جعل على اللَّوطيّ مثله. وقد رُوي عن علي بن أبي طالبٍ، رضي الله عنه، أنّه أُتي بلُوطيٍّ، فأُصعد المئذنة ثم رُمي منكِّساً على رأسه، وقال: "هكذا يُرمى به في نار جهنَّم". وحُدِّث عن أبي بكر، رضي الله عنه، أنّه أُتي بلوطيٍّ فعرقب عليه حائطاً. وحديث أبي بكر أيضاً رضي الله عنه، أنَّ خالد بن الوليد كتب إليه في قومٍ لاطُوا فأمر بإحراقهم. وأحرقهم هشام بن عبد الملك، وأحرقهم خالد بن عبد الله بأمر هشام. وفي الحديث مجاهد أنَّ الذي يعمل عمل قوم لُوطٍ لو اغتسل بكلِّ قطرةٍ من السَّماء وكلِّ قطرة في الأرض لم يزلْ نجساً (…)
 
Free Hit Counter Search Engine Submission - AddMe