الجمعة، 20 نوفمبر 2009

المعتقد الديني في الشعر الجاهلي

المعتقد الديني في الشعر الجاهلي
هوارية لولاسي








لقد فسر الشعر عددا من الأساطير حاول طرح تساؤلات المجتمع من قوى إلهية وخصوبة وحياة وموت وأمومة وبعث وكل المظاهر المحيطة به.
والمجتمع العربي الجاهلي له تصوراته وتساؤلاته التي راودته، فعبروا عنها من خلال أشعارهم التي حملت قدرا كبيرا من عقليتهم، وقد تفوق الصور لديهم التعبير الشعري لأن الشعر رسم بالكلمات فإذا قرن الشاعر صورة النخلة في المرأة فهو لا يريد منها الصورة المادية من طول القامة، وإنما الإشارة هنا قد تكون مادية إلى إشارة أخرى ميثودينية، فالنخلة في المعتقد القديم ذات قيمة مقدسة، وهي قرينة الخصوبة والأنوثة في الآن، كما نجد له حضورا في الكتب المقدسة بتلك السيدة العذراء التي خول لها بقدرة قادر أن تهز إليها جذع النخلة لتقتات، وقد نجد بعض الملامح المتفق عليها من طف الشعراء وأضحت لزماتهم. فكيف اصطلحوا على مقارنة كل أعضاء الأنثى بالنباتات؟ لما نجد لها حضورا متكررا في أغلب القصائد والأشعار ولا تكاد تكون صويحبات الشعراء امرأة واحدة.
الشعر الجاهلي وثيقة معتقداتية:
الشعر الجاهلي مصدر رئيسي، يصور واقعا معيشيا للمجتمع الجاهلي، فيحيطه بمعاناته ومواقفه الداخلية والخارجية وآماله ومعتقداته وثقافته، ولا يعتقد أن الشعر الجاهل تعبير فردي بل كان الشاعر لسان قومه، ومرآتهم التي تعكس حياتهم ورغباتهم وآلامهم وآمالهم ومعاناة الشاعر نابعة من معاناة المجتمع الذي يوجه فيه، أو هو جزء من هذا البناء.
هناك العديد من الحقائق التي أثبتها التاريخ، والدين، والتراث، والفن استخلصت من الأشعار الجاهلية، وما يؤكد ذلك أن تلك الحقائق ما تزال تتعايش في ذاكرة الإنسانية، ولا تزال تمارس على أنها موروث ثقافي، أو من باب العادة، والمعتقد وأحيانا تمارس لا شعوريا.
وتفهم في بعض الممارسات، كالاحتفالات التي نقيمها في مواسم الزرع وأعياد بعض المنتوجات الزراعية، ولا ندك الأبعاد لتي أوصلتها إلينا إلا بالعودة إلى هذه النصوص، من خلال الأطلال، والظعائن والخصب... وكل تلك الصور تمت بصلة إلى ماض موغل ينتمي إلى فترة التقديس، حينما كان الإنسان يبحث عن ذاته في وسط الطبيعة، ويدرك تماما أن العربي الجاهلي، أكثر تعرضا للفناء بسبب المظاهر الطبيعية التي تسود المنطقة الصحراوية، فندرة المياه والجدب وحياة الترحال، محفزات تبعث إلى فكرة تقديس كل ما يشع بالحياة، والتنفير من الفناء والجدب والطلل الذي هو نقطة فاصلة، ولحظة مأسوية، يعتريه، أثناءها نوع من القلق الوجودي.
إذن، الشعر الجاهلي وثيقة المجتمع الجاهلي قبل الإسلام، ولا نريد أن نجتر قضية الانتحال ودليلنا أيضا القرآن الكريم الذي أكد أن للعرب في الجاهلية حياة عقائدية يعتزون بها. لقد كشفت الأبحاث النفسية والأنثروبولوجية، والآثار والنقوش على أن القصيدة العربية الجاهلية، هي عقل الإنسان على مر العصور بل هي مخاوف وعبادات، وعقل باطن، بل عالم الأمة العربية العريقة المنبت(1)، وإنما وصل إلينا من الشعر إلا القليل في زعم - أبي عمرو ابن العلاء، ويستدل بذلك إلى ما وصلت إليه القصيدة من رقي وأناقة في الأسلوب، استقامة الإيقاع، وخضوعها للتهذيب والتشذيب إلا أن عمر الشعر أكثر بكثير مما يتصور أي متصور(2).
بل ينتمي إلى فترة أسبق من الوثنية إذا نظرنا إلى مضمونه ودلالته وإذا نظرنا إلى الأنثى في تقديسها من الميثولوجيا انحدرت كمادة تقدسها ومن أي الديانات انحدرت تأليه الخصوبة والنبات عموما؟ ولماذا بكاء الجدب؟ ولماذا الاحتفاء بالخصب؟ ولما شبهت النوق والإناث والنخل؟ لماذا احتفى العربي بكل رموز الخصوبة؟ وكل عناصر القداسة مجسدة في الحياة الخصبة، وقد استدل على هذا بالآثار والنقوش، بالإضافة إلى الموروث الشعري، وكل هذه الدلائل أوضحت بأن الحياة الدينية بالجزيرة مرت بمراحل:
1 - المرحلة الأولى:
مرحلة التقديس: تقديس الأشجار والكهوف(3) والماء وكل ما يفيد البدوي في حياته، ولا غزو أن تكون النخلة مقدسة لأنها موجودة بالأماكن التي يقل فيها النبات(4)، كما أنها تمثل المورد الأساسي في حياة العربي.
2 - المرحلة الثانية:
خصصت لعبادة الكواكب كونها تتحكم في سير الكون والطبيعة، بما تحدثه من أمطار وتبعث الحياة في الأرض، والإنسان معا.
3 - المرحلة الثالثة:
تمثلت في عبادة الشمس وخصوصا عند الشعوب الزراعية والرعوية، لذلك نجدها رمزا للخصوبة(5) والأنوثة أيا حسب د. علي البطل، وقد يظن بأن الجزيرة العربية هي منطقة رعوية فكيف لهذه المعتقدات الزراعية أن تصل إلى هذه المنطقة؟
قد تعزى إلى عوامل الانتقال والارتحال الثقافي بفعل الحروب أو الهجرات والتجارة وهو عامل قوي في تبادل الثقافية والمثاقفة.
لكن الدراسات الجيولوجية والجغرافية الحديثة... أثبتت أنه كان في الجزيرة العربية مناطق وفيرة بالمياه كثيرة المزروعات... والتنقيب كشف عن نباتات وحيوانات(6).
وهذا ينفي استبعاد وجود آلهة زراعية ومقدسات الخصب والنماء فلكم تمنى أهل مكة أن تكون أرضهم كلها زرع ونخيل وهذا بعد أن طلبوا من النبي أن تكون هذه معجزته(7).
أثر الميثولوجية في الشعر الجاهلي:
كل انسان يرث من جنسه البشري صور الاعتقاد الطبيعي ولذلك فإن الأدب عامة والشعر خاصة ليس جديدا في الميثة (الأسطورة) وإنما الجديد هو التعديل الذي يعتري النص.
ولا يرث الإنسان تاريخ أجداده الاعتقادي فحسب، بل تعداه إلى وراثة الأفكار، وقد كشف ذلك التحليل النفسي في شكل (اللاوعي الجمعي) وبصورة أخرى نقول أن في داخل كل إنسان منا، إنسانا بدائيا يظهر وجهه في المرآة الشعر والفن عامة وقد ساهمت البحوث الأنثروبولوجية بقدر واسع في كشف هذا المورث المعتقداتي المحلل بالأفكار والأيديولوجيات الموجودة في النسق، وقد نظر (شتراوس)(8) الى الأساطير العلمية فوجدها تنتمي إلى وحدة عالمية لا شرقية ولا غربية فأرجع تلك الوحدة إلى الفكر البشري الموحد في جوهره. وقد وقف (مرسيا إلياد)(9) عند تطور الفكر الديني، وكشف عن رمزيات متشابهة ومتكررة في المكان المقدس ورأى أن اختفاء اندثار الأديان ليس موت وإنما اختفاء التدين.
والدين ليس إلا تراكما لا شعوري يندس في المعاملات والسلوكات فهو نتاج للإنسان المتدين، كذلك الشعر هو ترانين طقوسية لا يراد منها الممارسة الدينية المباشرة، وإنما هي ملامح طقوسية غابرة يبعث من خلالها اللاشعور الديني المتأصل في الإنسان غير المتدين، وقد أكد الفكرة د. (نصرت عبد الرحمن) حيث أظهر إيمانا عميقا بأن معرفة الميثوديني سبيل إلى معرفة شعر أهل الجاهلية، إلا أن (وهب رومية) يستبعد وجود شعر ديني (قبل الإسلام) خالص. وإنما هي شحنات محملة بالتاريخ والمعاناة، ولا ينكر وجود ملامح دينية ولكل حدث عن الحياة بمفهومها الشامل حديث عن الإنسان بكل أبعاده، إضافة إلى أن المجتمع الجاهلي لم يعرف الوثنية وحدها، بل والعرب لم ينحصروا، في جزيرتهم بل اتصلوا بأجناس أخرى مجاورة وبعيدة خلال الخمسة قرون(10) السابقة لعهد الإسلام، وهي فترة كافية لحدوث متطورات اعترت الجوانب الدينية والفكرية.
واقع الأسطورة من الشعر الجاهلي:
لقد اختلف الباحثون في تعريف الأسطورة، حتى أحصينا العشرات من التعاريف، فمنهم من يراها مرض، ومنها علم بدائي أو خيال لا واعي أو خرافة وكلام هش لا حكمة فيه، وكلام مستملح مستظرف بعيد عن الجد، وكلام عوام (أدب شعبي).
لكن التعاريف هذه كان لا بد أن تطرى، لأن الدراسة الأنثروبولوجية أزاحت عنها غيمة الغموض إلى اعتباره علم لمرحلة أساسية في بناء الفكر الشرين ولا سيما وأنها ترتبط بالأدب أو هي حسب (وهب رومية) هي المادة الخام للأدب(11)، والأدب ينضوي على الرمز الذي هو اللغة الأساسية في التخاطب البشري بل وهي لغته الأولى، ومن ثم فالأدب أقدم وأعمق مادة تعامل معها البشر، وقد حرر به الشعراء الجاهليون فنهم (شعرهم) بالموروث الديني إضافة إلى الواقع المعيشي والحياة العامة، ويظهر ذلك ولا سيما في الارتياح الذي أحدثته الفترة الزمنية البعيدة عن النبع الأصل "فليس من شك في أن هؤلاء الشعراء قد أحدثوا كثيرا من التحوير في هذه الأصول الميثولوجية"(12).
فكل من (زهير) و(امرئ القيس) و(النابغة) و(الأعشى) وغيرهم من الشعراء الجاهليين حاولوا أن يجسدوا الواقع برموز فنية تعكس وجه الحياة وذواتهم من المشاعر والأحاسيس النفسية والموضوعية في تجسيد الوقائع، ودمج الرمز بالمجتمع، حيث يتحدث عن الحياة الإنباتية في تشاكل مع الحياة الاجتماعية، ويجسدون الظروف التي لا تقوم إلا على حياة خصبة، وقد ذكر د. علي البطل أن هذه الأشعار تحمل مات ميثودينية كانت قد أفلت ولم يبق منها آثار باهتة.
ومن غير المستبعد أن تكون الفترة البعيدة عن الحياة الدينية قد أضاعت الكثير من السمات المعتقادية. لأسباب سياسية وكوارث طبيعية، إلى جانب أسباب أخرى عدها د. مرتاض منها اصطناع اليهود الأحداث والمحدثين طورا والى انعدام جمع التاريخ وكتابته بعد ظهور الإسلام، ولم يبق التاريخ إلا على القليل من معتقداتهم الوثنية التي لا تسمن ولا تغني عن جوع.
المصداقية في أسطورية الشعر من المنظور الإسلامي:
إن النص الإسلامي أصبح النواة التي يمنح منها مصداقيته وأسطوريته(13)، بالإضافة إلى أنه مظهر صحة الشعر الجاهلي وعافيته، بل الحياة المعتقادية والميثولوجية بصريح العبارة، ليحكم الشعر الجاهلي بأنه ميراث أمة وتراثهم الذي حفظ تاريخهم.
وقد أكد على اتصالهم بالثقافات المجاورة بالرغم من أن الأدب الجاهلي حقبة مهمة، من حياة العرب قبل الإسلام، مم يتيح فرصة البحث عن دلالة الفكر العربي وثقافته، فالأثافي والنؤى والناقة، والأنثى والشجر وسائر النباتات والنجوم، والأبقار والثور كل أولئك ظل مادة التفكير الجاهلي، وقد نوه د. مصطفى ناصف على أن "حياة العصر القديم أعمق مما يجري على أقلامنا حتى الآن"(14)، وليس هناك دراسة أعطت لهذا التراث حقه لأن هذا الإرث لا يزال دفين الرمال.
فعندما تقابل هذه الأشعار ونتناول دلالتها بالفحص نجد أنفسنا إزاء ضروب من الطقوسات أو الشعائر، التي يمارسها المجتمع، وتصدر عن عقل جماعي أي أقوى من أن يكون مجرد أحاسيس وعواطف، وكل شاعر جاهلي يلقي شعرا من حيث يدري ولا يدري... ألا يقولون بأن الشاعر لسان قومه؟
والفن غالبا هو نتاج جماعة، فهو عندما يحدثنا عن النخلة أو السدر أو الأراك فهو يصور تمثالا مقدسا من ناحية المجتمع، لذلك اصطنعوا لأنفسهم مصطلحات نابعة من تراثهم وعرفهم وصميم بيئتهم. إذن فالشاعر الجاهلي يكتب تحت وصفة؟ أو يقدم فنه في حلة يستسيغها واقعه المعيشي.
هناك خبر واحد يشمل أسلوب عيش وحياة بين الأدب الحقيقي هو واع الحال، والتزام الفكرة بالحياة. فالتعبير الشعري هو عيش جمعي وفردي في الآن، والقرآن الكريم تحدث في آية عن الشعر والشعراء، هل الشعراء التزام بالواقع المعيش؟ (الشعراء يتبعهم الغاوون)(15). ثم قال في آية أخرى: (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعدما ظلموا...)(16).
وقد ربط القرآن الحكيم الشعر بالواقع المعيش، فمنهم الشعراء الغاوون الذين يقولون لا يفعلون أي ينافقون ويعيشون حياة تناقض بين المعيش والمقروض، هؤلاء شعرهم فيه الكثير من المغالطة، وهناك شعراء يؤمنون بواقع معاشهم، يقولون بما يعيشون والإيمان هنا التمسك برسالة الشعر والتزام بفن يعكس الواقع، وصلب الحياة وجوهرها، والتاريخ في ذمته الحقيقة والزيف، أو ليس في عرف العرب أن الشعر ديوان العرب ما يؤكد ميلهم لحفظ التاريخ.
ويلتقي الشعر والأسطورة في كونهما ينتميان إلى مادة التعبير من جهة، والى البعد العميق لدلالاتهما وأنهما نابعان من الشعور الإنساني. والشعر على رأي د. ريتا عوض(17) انعكاس تام أو جزئي للأساطير. بل إن الأسطورة والشعر والدين تجليات تستلهم النماذج الأصلية ذاتها، ويكفي أنهما يعبران عن وجدان وأحاسيس الجماعة من خلال الرموز أو النماذج الأصلية التي يتم فكها من خلال الصور الشعرية أو التأويل الرمزي، وإن هذا الشعر ليس أسطورة بمقاييسها الفنية وإنما حوى شذات من الأسطورة وخير دليل على ذلك وجود الصور الشعرية التي هي عبارة عن رموز جماعية عميقة تمتد إلى جذور أسطورية وجدت لها متنفس من خلال النظم.
فالشعر والأسطورة التحام حميم يمثلهما الرمز الدلالي وتجليات ذات أبعاد إنسانية وثقافية.
الأسطورة والشعر الجاهلي:
كثيرة هي الدراسات التي أثبتت وجود "لحمة" بين الأسطورة والشعر من حيث النشأة والوظيفة والشكل، وهذه حقيقة تجعلنا نعتمد على الشعر في استنباط المضامين الأسطورية أو بشكل أدق أن العلم بالأساطير يثري فهما للشعر والعكس، فالأسطورة فكر ومعتقد احتوته قصة تقليدية تروي تاريخا مقدسا من آلهة وأشباهها صاحبت الطقوس والشعائر التي مارستها الشعوب القديمة إزاء الكون والعوالم الغامضة التي أثارت تساؤلات الناس، فمن الطبيعي أن تكون دراسة الأسطورة في الشعر دراسة الفكر العربي(18) ما قبل الإسلام، لأن الأسطورة تمثل جوهر ذلك الفكر وتمثل أيضا جانبا فنيا ونفسيا وجدانيا وتصوراته للكون والحياة مثلها شيوع الوثنيات والمعتقدات الدينية لدي غالب الشعوب بما أنه يوجد ما يزيل غيمة الاعتقاد.
إن أزمة الشعور الميثولوجي قد اتخذت مسارا آخر أكثر مرونة وتهوينا لأزمة الوجود، فكان الشعر الفن الذي حوى البعد الميثولوجي ليس بشكل مباشر بل ظهر كمادة روحية تتضح بعد التأويل وإحالة اللغة إلى تحليلات رمزية، وبذلك يكون الفن الشعري قد استمد روحه من الأسطورة.
صحيح أن الشعر هو نتاج فرد وتجربته الخالصة النابعة من بيئته وعصره، أما الظاهرة الشعرية فهي نتاج جماعي لا تحتاج إلى ذوق جمالي بقدر ما تحتاج إلى تأويل رمزي لأنها أكثر عمقا في التاريخ الإنساني، وقد رصد التفسير الأنثروبولوجي الظاهرة الشعرية ليحيطها بسياج من العلوم الأخرى لفك شفاتها وانقشاع ضبابتها، وليست الظاهرة الشعرية إلا ضمير أمة وفلسفتها في الحياة، واحتفاء العربي الجاهلي بالمورث الديني ليس وليد محلة متأخرة ولكنه ميراث سنين بل ميراث أمم بائدة كشفت عنها الكتب المقدسة، وكتب الأنواء والملل والأساطير باعتبارها اللغة الأم التي تطورت في أشكال أهمها الشكل الشعري بصوره الرامزة.
إن إرث الأمم المعتقداتي في التقديس صادف معظم الشعوب، وهذا ما كشف عنه (فريزر) في جذور الاعتقاد لدى معظم الشعوب القديمة والحديثة، لأن هذه الأخيرة منحدر من أصول أسطورية موحدة في تشابه عميق وإن اختلف في صورها إلا أنها بقيت محافظة على رموزه.
وهذا الإرث الفكري بقي راسخا في اللاشعور الجمعي ليفلت في الفن الشعري وقد عبر هذا الأخير عن وساوس وقلق الإنسان إزاء الكون وخاصة الجدب وحيرة من وجود يحتمل المتناقضات وفقدان التوازن، وقلق من مستقبل مجهول كان يراود الإنسان ولا يزال يحدق به من حيث يدري ولا يدري. فالشعور بعدم امتلاك الزمن وامتلاك المكان ولد في العرب القدماء شعورا بالعجز زهاق الموت لأن الموت هو أشد أعدائه حيث يتبدد عنده ما هو تاريخي ومعقول فيما هو كوني ومجهول.

الهوامش:
1 - ينظر، جواد علي: المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، مكتبة النهضة، بغداد.
2 - د. عبد الملك مرتاض: السبع المعلقاة، ص 42.
3 - د. نبيل عاقل: تاريخ الأدب القديم، المطبعة الجديدة، دمشق 1976، ص 9.
4 - د. لطفي عبد الوهاب: العرب في العصور القديمة، ص 280.
5 - المصدر السابق، ص 281.
6 - د. نبيل عاقل: المصدر السابق، ص 9.
7 - ينظر، السيرة النبوية، ج 2.
8 - ينظر، كلود ليفي شتاوس: ميثولوجيات.
9 – انظر،
Mircea : Le sacré et le profane.
10 - نجيب البهبيتي: تاريخ الشعر العربي، من الباب الأول، دار الفكر، ط 4.
11 - وهب ومية: شعرنا القديم والنقد الجديد، عالم المعرفة، الكويت 1996، ص 38.
12 - نقلا عن وهب رومية: شعرنا النقد الجديد، ص 81. وينظر، د. عبد الملك مرتاض: السبع المعلقات، دراسة شعرية، ص 18.
13 - تركي علي الربعي: الإسلام وملحقة الخلق والأسطورة، ص 74.
14 - قراءة ثانية، ص 49. انظر، عبد الفتاح محمد أحمد: النهج الأسطوري.
15 - سورة الشعراء، آية 224.
16 - سورة الشعراء، آية 227.
17 - د. ريتا عوض: بنية القصيدة الجاهلية للصورة الشعرية لدى امرئ القيس، دار الآداب، ط 1، 1992، ص 176.
18 - ينظر، د. عبد الملك مرتاض: الميثولوجية عند العرب، دراسة لمجموعة من الأساطير والمعتقدات العربية القديمة، المؤسسة الوطنية للكتاب - الدار التونسية للنشر، 1989.
 
Free Hit Counter Search Engine Submission - AddMe