الأحد، 1 نوفمبر 2009

المسلم / بين نشيد شالكة ، ودموع السبايا .

المسلم / بين نشيد شالكة ، ودموع السبايا .

الطيب آيت حمودة

 

 

عجيب أمر المسلمين والعرب بالخصوص ، يرون ما في غيرهم قبل رؤية ما فيهم ، يتباكون على كلمات تقال ، أو رسوم تنشر ، ويتناسون ما بينهم من تجاوزات وأحقاد وغلل على حساب الإسلام وتشاريعه .
بالأمس ثارت ثائرة بعض المسلمين على نشيد فريق شالكة الألماني ، الذي اعتاد المناصرون ترديده أيام انتصاراتهم منذ 1924 فيه عبارة (محمد كان نبيا لا يعرف شيئا عن كرة القدم، كان له في الألوان البهيجة متسع، لكنه لم يجد للأزرق والأبيض منافسا.).
ولعل في الأمر نزوعا نحو الانتقام من مقتل مروة الشربيني المصرية على يد أحد النازيين الجدد داخل حرم المحكمة ، وأصدر المجمع الاٍسلامي الألماني على لسان سكرتيره أن (الرسول جاء في عصر قبل اكتشاف كرة القدم بقرون كثيرة، ولا مانع من تقبل هذا النشيد على سبيل الدعابة، فلا يوجد إساءة في تلك الكلمات كما سبق أن وضحنا.)
وهناك أقاويل تشير إلى أن تلك الفقرة تم تحريفها من أغنية شعبية انتشرت في ألمانيا عام 1897 تتناول اللون الأخضر تقول كلماتها (محمد هو نصيري، جماله حقيقي، اختار من بين الألوان الأخضر ليكون الأقرب إليه) ، إلا أن جماهير شالكه غيرت النص في النشيد المثير للجدل.

وتناولت وسائل الإعلام العربية والعالمية الحدث بنوع من الاستهجان الممزوج بالدعابة ، وهي اٍشارت ضمنية لسذاجة المسلمين، ومواقفهم المبنية على العاطفة الدينية أكثر من استخدام المنطق والعقل .

اٍن نزوع المسلمين نحو سماع مايقال عنهم ، هو نوع من الضعف المعنوي ، وعوز ذاتي داخلي يحتاج اٍلى تصويب وتعديل ، فلا يعقل أن نطلب من غيرنا الاحترام والتبجيل لقيمنا الدينية ونحن غير مؤهلين لذلك ، نقترف من الأعمال ما يسيء للإسلام والمسلمين نهارا جهارا ، داخل عالمنا الإسلامي، ونعطي تصورا مذموما عنا على أيادي أهل ملتنا منهم الطالبان وبوكو حرام ، و القاعدة ،
لماذا لا نستنكر بالقدر نفسه أو يفوق ما وقع لبنات الجزائر من سبي وأعمال فاحشة على يد السلفية الجهادية باسم الدين ( السبي ) ، ولماذا لا يستنكر المسلم تجاوزات المسلمين على حساب الضيوف (السياح) الأجانب في بلداننا ؟، لماذا نسكت عن تجاوزات ذوينا في ديار غير ديارهم في بلاد الغربة ؟
عجيب أمر المسلمين ، فهو يرتضون لأنفسهم ما لا يرتضون لغيرهم ، ولا يدركون بأن احترام الغير هو احترام لأنفسهم ؟ .
ولو عدنا لذاكرة التاريخ لوجدنا التسامح جار بين المسلمين وغيرهم في الفردوس المفقود ( الأندلس) ، و في اسطمبول أيام العثمانيين . وفي كثير من بقاع أرض الاٍسلام ، غير أن منطق المسلمين شذ ، وشذوذه كان منذ أيام القرامطة الذين سفكوا الدماء داخل الحرم ، وخربوا الكعبة ، أو أيام عبد الملك بن مروان الذي استباح جنده بكة وبيت الله الحرام على يد السفاح الحجاج بن يوسف الذي رماها بالمنجنيق وحرق أ ستارها ، وقتل معارضهم عبد الله بن الزبير و جز رأسه على عتبات الكعبة .
أولى بالمسلمين أعطاء أمثلة التسامح والاٍخاء والرحمة فيما بينهم ، ثم مع غيرهم من الملل والنحل لأثبات صدق المنحى ، وعدم ترك شذاذ الأفاق من المغرضين والمنافقين لتشويه صورة الإسلام على مرأى ومسمع الجميع . والذين أرادوا تحقيق مطامحهم السياسية ولو على حساب تعاليم الدين .

الخلاصة /
اكتساب التقدير والاحترام لا يأتي بالتهويل و الزجر ، والمقاطعة بقدر ما يأتي بأساليب التسامح والإخاء وقبول الآخر ، وبقدر ما يكون الاٍنسجام والتناغم قائما بين المسلمين أنفسهم ، نكتسب مودة الآخرين وإعجابهم بديننا وحضارتنا ، وكثيرا ما قيل بأن المكانة الخارجية للأي أمة هي انعكاس حقيقي لمكانتها وقوتها الداخلية .
 

 
Free Hit Counter Search Engine Submission - AddMe