الأحد، 1 نوفمبر 2009

الشيخ خزعل امير عربستان - الاهواز- القصة الكاملة من الصعود الى السقوط


جابر احمد


مقدمة:
تمرعلينا هذه الايام الذكرى الرابعة و الثمانين لسقوط امارة كعب البوكاسب بعد ان تم اختطاف اخر امراءها وهو الامير الشيخ خزعل الكعبي وذلك في 20 نيسان من عام 1925 ، وقد اقترن سقوط هذه الامارة اثر التدخلات الخارجية والتحولات الكبرى التي طرأت على تركيبة الدولة القاجارية والتي ادت الى سقوطها ومن ثم ظهور رضا خان على المسرح السياسي الايراني وسعيه الحثيث الى توحيد ايران عبر النار والحديد.
لقد كتب الكثير من المؤرخين العرب ،الفرس و الاجانب عن الشيخ خزعل و امارته ، البعض منهم جارى الحقيقة والبعض منهم ابتعد عنها وللانصاف يمكن القول ان البعض من المؤرخين الفرس قد كتبوا عن تاريخ هذا الرجل كما ينبغي ان يكتب ، وقد ترجمت فيما مضى بعض من هذه الكتابات " منها " الشيخ خزعل و الخندق الاخير للمقاومة " وذلك نقلا عن كتاب " دولت وجامعه در ايران ، انقراض قاجار استقرار بهلوي "" الدولة والمجتمع في ايران ، انقراض القاجار واستقرار النظام الملكي البهلوي " وهو بالانجليزية ايضا " لمؤلفه الاستاذ الدكتور محمد علي همايوني كاتوزيان ترحمة حسن افشار * و في هذا المناسبة سوف انقل ما كتبه كاتب اخر و هو الاستاذ سيروس غني مؤلف كتاب " ايران بر أمدن رضان خان ، بر افتادن قاجار ونقش انكليس " صعود رضاخان "، سقوط القجاريين و صعود رضا خان و دور البريطانيين . والكتاب تم تأليفه بالاساس باللغة الانجليزية وقد قام بترجمته الى الفارسية السيد حسن كامشاد* .
يقول الكاتب يقع اقليم عربستان " خوزستان " في الزاوية الجنوبية الغربية من ايران و في شرق الحدود العراقية وشمال الخليح العربي " الفارسي " وان الغالبية العظمى من سكانه في العشرينات هم من القرويين العرب ، وان نهر كارون الذي ينبع من جبال منطقة البختيارية يمر من هذا الاقليم و يصب في نهر الفرات " شط العرب " وكان نهر كارون في القرن التاسع عشر من افضل طرق الموصلات التي تربط الخليج العربي " الفارسي " بواحات الشمال ، وقد حصلت بريطانيا في عام 1888 ( 1267) من ناصر الدين شاه على امتياز حق الملاحة في هذا النهر ، كما في الوقت نفسه سرعان ما اقامت علاقات وطيدة مع شيخها القوي الشيخ مزعل رئيس قبيلة المحيسن ، الذي بقى و من حينها هو و قبيلته تحت حماية الحكومة البريطانية .
المخاوف الايرانية :
ويضيف المؤلف لقد قتل الشيخ مزعل عام 1888م 1267 على يد ابناء قبيلته وذلك بتحريض من اخيه الشيخ خزعل الذي اصبح خلفا له على القبيلة ، حيث سعى هو الآخر الى تحكيم اوصرا علاقاته مع بريطانيا اكثر فاكثر متجاهلا كليا حكومة طهران ، وقد كتب الاتابك الاعظم المعين من قبل الدولة المركزية في الاقليم محذراحكومته قائلا ، اذا لم يتم القضاء على سلطة الشيخ خزعل، فان عربستان سوف تقع وخلال عدة سنوات بيد البريطانيين ،الا ان رؤساء الوزراء المتعاقبين على الحكم في طهران واحد بعد الآخر لم يتخذوا اي قرار تجاهه وحسب و انما و مخافة من البريطانيين حتى انهم بمنحهم الشيخ حق احتكار جمع العوائد الجمركية في ميناء المحمرة دون مطالبته باي حساب او كتاب قد زادوا من مكانته و سلطته .
ومنذ اوائل عام 1901 آواخر عام عام 1279 طالب الشيخ خزعل ضمانات من بريطانيا تعترف بموجبها كونه تحت رعاية السفارة البريطانية وذلك لكي يتسنى مواجهة مخططات الحكومة المركزية التي تعمل بالضد من مصالحه ، وفي حزيران من عام 1903 اعطته الحكومة البريطانية ضمانات تشبه الضمانان التي منحتها الى امير الكويت ونصت هذه الضمانات على تعهد الحكومة البريطانية بالدفاع عنه في حال تعرضه لاي هجوم روسي ، كما انها ستبذل قصارى جهدها لمنع اي جهد للحكومة الايرانية ، يسعى الى الاقلال من سلطته في المنطقة ، ولم تمر برهة على اصدار مثل هذه الضمانات حتى تزوجت احدى كريمات الشيخ خزعل مع احد " خانات " امراء البختيارية ، ان هذه العلاقة اعطت الفرصة لخزعل ان يوسع نفوذه في المنطقة ليشمل القبائل العربية الصغيرة في اقليم عربستان " خوزستان " .
في معاهدة عام 1907 قسم البريطانيين والروس ايران الى منطقتي نفوذ وخوزستان التي كانت انذاك تسمى بعربستان لم يعتبروها حتى على انها جزء من الارضي الايرانية و بموافقة روسية اعتبرت عربستان وكانها واقع تحت الانتداب البريطاني ، كما انه لم يصدر اي اعتراض من الحكومة الايرانية على ذلك ، وفي الحقيقة استمرارهذا الوضع سمح عام 1908 من اكتشاف البترول في مسجد سليمان ، وعليه فقد تعززت العلاقات بين بريطانيا وخزعل اكثر فاكثر ، ولم تمر الا برهة حتى عقد البريطانيون معاهدة مالية مع البختياريين تعهد بموجبها البختياريين حماية منشآت الحفر النفطية ، ثم اتجهت بريطانيا الى عقد معاهدة مشابهه مع الشخ خزعل ، وبعد فترة وفي نفس العام طلب الشيخ خزعل ضمانات من بريطانيا لكي تبذل كل ما لديها من قوة لمنع دمجه باي دولة اخرى وان تضمن حكمه وورثته من بعده وتحميه ازاء اي تجاوز محتمل من قبل المجلس وفيما اذا تفككت ايران عليها ان تساعده في حفظ سلطته على اقليمه . وقد اوصى السر برسي كوكس المندوب البريطاني في الخليج العربي " الفارسي " حكومته ان تستجيب الى طلبات خزعل وان تمنحه جزء من اسهم شركة النفط بصورة مجانية .
اوسمة الشيخ خزعل :
وفي عام 1917 وايضا بتوصية من " كوكس " منحت الحكومة البريطانية الشيخ خزعل وفي احتفال علني وسام الهمايوني" جي سي آي أي " ومنذ حينها اصبحوا يخاطبونه "بالسر " خزعل ومقارنة مع ذلك اقترح كوكس على بريطانيا ان تضم رسميا عربستان الى العراق ، كما انه وفي نهاية الحرب العالمية الاولى فكر البريطانيين ولفترة وجيزة ان يعينوه ملك على العراق ، الا انه عندما طرحت خارطة اتفاقية عام 1919 تركوا هذا الاقتراح جانبا ، حيث رأى الساسة البريطانيين انه ليس هناك ضرورة لتنفيذ فكرة الحاق عربستان بالعراق او تعيين خزعل رئيسا لدولة جديدة وفي المقابل اعتقدوا ان الحكام السابقين للجزيرة العربية يجب ان يكون لهم حصة من الملكية التي قد تولد حديثا ، .
وقد رأت بريطانيا ان معاهدة 1917 دون ان تطرح حدودا فانها تضمن جميع العلاقات الاستراتيجية و المالية لايران في تلك البلاد ، و مواساة لخزعل اهدته الحكومة البريطانية 2000 بندقية جديدة الصنع وذخائر و اربعة مدافع ميدانية و باخرة بخارية وحتى مدافع من اجل اداء مراسم النشيد العسكري ، كما انهم ضغطوا على احمد شاه لكي يمنحه لقب السردار اقدس واصبحت عربستان ومنذ اوئل عام 1917 عمليا تحت الانتداب البريطاني وليس لطهران اي سلطة على حاكمها .
وعندما وقعت مؤامرة عام 1299 -1920 م كان الشيخ خزعل في اوجه قدرته وكان يعتبرونه حاكما لدولة مستقلة ، الا ان الحكومة الايرانية اخذت رويدا رويدا تجهيز ملف قوي و موثق ضد الشيخ خزعل ومنذ عام 1292 فصاعدا ولكونه لايدفع الضرائب التي جمعت عن طريق الجمارك طالبته الحكومة المركزية باعادتها وفي عام 1301 شهدت الحكومة المركزية ازمة مالية خانقة لذلك سعت رسميا ان تسترد جزء من تلك الضرائب المتأخرة على خزعل ، وعليه طلب القنصل البريطاني في مدينة الاهواز ان يحل الشيخ هذه المسائلة مع طهران بطريقة ما ، الا ان خزعل الذي كان في اوج اقتداره وثقته بنفسه لم يستجيب لطلب القنصل البريطاني كما انه اهمل ولم يهتم بطلب حكومة طهران، لذلك تحركت الدولة المركزية ولاول مرة وبشكل جدي وقانوني ضد الشيخ خزعل وقد طرحت حينها فكرة ارسال الجيش الى المنطقة من اجل جمع الضرائب المتراكمة من الماضي وقد رأى" برسي لورن " الخطر بام عينه ، وفي رسالة بعث بها الى " كرزن " محذرا بان خزعل لم يتزعزع عن مواقفه واذا بقي على هذه المواقف فهناك اخطار تنتظره .
رضا خان الحكم الذاتي اكبر مانع :
اما رضا شاه فقد استمر في تنفيذ برنامجه وهو يعلم جيد ان الحكم الذاتي الذي يتمتع به خزعل يعد اكبر مانع في طريق وحدة البلاد ، وطالما خزعل لم يغلب فان السلام والاستقرار مع بقية العشائر لا معنى له ، وطال الزمان ام قصر سوف ينهض مرة ثانية وانه كل لحظة يعرض الامن الاستقرار الى الخطر ،ولكن لم يكن الجيش الايراني انذاك مجهزا للقيام بهذه المهمة والاهم من ذلك فان ردود الافعال البريطانية غير واضحة كما ان رضا خان لايزال لم يثبت اقدامه بالحكم جيدا لكي يقنع البريطانيين ان اللجوء الى العنف في مواجهة الشيخ خزعل سيكون باهضا وبما انه كان رجل محتاط فان اول خطوات اتخذها هي قيامه بعمليات تجسسية بدأها عام 1301 – هجرية قمرية 1922
لقد اوحى رضا شاه ان تحركه بالاساس كان في الظاهر ضد اللر و البختيارية و لكن في الحقيقة رسمت للجيش خطة كي يتحرك حتى شمال عربستان " خوزستان " حتى من خلاله يتم رصد ردود الافعال من قبل الشيخ خزعل والحكومة البريطانية .
وفي المقابل فان الشيخ خزعل لم يقف موقف المتفرج ، لانه يعلم ان رضا خان عاجلا ام اجلا سوف يستأنف عملياته العسكرية ضده ، ان وصل رضا خان الى السلطة ، دعى الشيخ خزعل الى اقناع البختياريين و اللر وبعض القبائل الاقل اهمية في الجنوب ذات المصالح المشتركة ان يبذلوا قصارى جهدهم للحيلولة دون استقواء رضا خان ، ونتيجة لهذه المساعي تصدت مجموعة من عشائر " اللر" في صيف 1301 هجرية قمرية للجيش الايراني في منطقة تدعى " شليل " وهي احدى النواحي التي تقع في شمال عربستان " خوزستان " وكان قد جرى الترتيب لها قبل عدة شهور من قبل الشيخ خزعل والشيخ مجاهد احد الزعماء البختياريين ، لقد اضطر رضا شاه للصبر حتى يحقق امرين ، الاول تقوية الجيش و الثاني تثبيت اقدامه بالسلطة عندها بامكانه البدء في تنفيذ مخططه العسكري في عربستان .
الموقف البريطاني:
في ربيع عام 1303 -1924 م ذهب " لورين في اجازة طويلة وهو كان يعلم انه آجلا ام عاجلا ان رضا شاه سوف يلجأ الى القوة لتجريد شيخ خزعل من السلاح ، وعندما كان لورين في لندن ، حضر اجتماع لجنة الدفاع الامبراطورية الذي عقد في 28 من حزيران عام من نفس العام وقد قدم في هذه الاجتماع تقريرا مفصلا عن الاوضاع والاحوال السياسية في ايران وقال في تقريره انه يتوقع في نهاية هذا العام ان يحصل صدام بين القوى في المنطقة النفطية وقد قررت لجنة الدفاع وعلى سبيل الاحتياط ان تنذر مندوب المملكة البريطانية في الهند لكي يكون على اهبة الاستعداد لارسال قواته الى عربستان " خوزستان " اذا اقتضت الضرورة الى ذلك.
حتى آذار من نفس العام كان رضا خان قد اجتاز عاصفة الجمهورية وقوى مواقعه في طهران ، ثم شرع باتخاذ تدابير من شانها ان تخفض درجة الحرارة المرتفعة في عربستان ، لذلك انخذ قرار بارسال قواته الى الجنوب وكان اول مبادرة له هوكسب ثقة القبائل الاخرى ومنعهم من التعاون مع خزعل وان يبقوا على حياد ، كما ان سياسة رضا شاه في تاليب القبائل على بعضها البعض قد حققت بعض النجاحات وقد استفاد منها . على سبيل المثال لا الحصر كان قد ارسل عام اواسط تموز من عام 1301 – 1923 م مجموعة صغيرة من البختيارية لترويض التركمانيين في خراسان كما استفاد من القشقائيين لقمع اهالي بويرد احمد في جنوب غرب مقاطعة فارس وكان رضا شاه على علاقة ودية وجيدة مع" صولة الدولة" رئيس قيائل قشقاي الذي قدم طهران لاستلام منصبه كعضو في مجلس النواب الخامس وكما سوف نرى لقد وقف القشقائيين على حياد عندما توجه الجيش لتنفيذ مخطاطاته ضد الشيخ خزعل على الرغم من الجيش الايراني في مراحله النهائية كان قد مر من ارضيهم .
التجمع الاشتراكي البختياري :
ان رضا خان شأنه شأن الحكام القاجاريين قد استفاد الى حد كبير من الاختلافات القائمة بين القادة البختياريين وكانت الفئات الشابة من هذه القومية قد قامت بالعصيان ضد ابناء قومهم الكبار فقد رأوا انفسهم بانهم محرومين من حق ابدأ الرأي واتخاذ القرارت، ولهذه الاسباب شكل الشباب من القومية البختيارية في عام 1300 – 1921 م تجمعا اسموه التجمع الاشتراكي البختياري وقداصدروا بيانات تدعو الى العدالة و المساوات داخل القومية البختيارية ، وفي الايام التالية عندما كانت الخطط العسكرية تجهز للتحرك نحو عربستان كانت الغالبية العظمى من رؤساء عشائر البختيارية متواجدين في طهران ، وكان احد رؤساءهم وهو"السردار اسعد" قد عين وزيرا للبريد و التلغراف ، و المسالة الهامة الاخرى هي تجريد القومية البختيارية والقشقائية من السلاح وقد بدأت هذه العملية منذ ربيع 1303 – 1924 وفي اواخر الصيف من من نفس العام كان الجيش الايراني قد استعد استعدادا كاملا من حيث العدة والعدد لا سيما حصوله على 15 طائرة مقاتلة كما قام بشق الطرق تمهيدا لارساله الى عربستان .
الشيخ خزعل يدعو احمد شاه :
لقد ادرك الشيخ خزعل ان رضا خان لا ينوي العدول عن تنفيذ خططه تجاهه ، وانه لايزال يفكر بهجوم واسع النطاق على قلب " خوزستان " عربستان " وفي سبيل مواجهته لهذا التهديد قام بتحرك يشمل الجانبين السياسي و العسكري ، ولهذا قام باستنفار قواته القبلية ، كما اعلن عدد من اللر و البختيارية لمساندته وفي ايار من عام من عام 1924 ابلغ خزعل القنصلية البريطانية في مدينة الاهواز والسفارة البريطانية في طهران ، ان قواته على اهبة الاستعداد لمواجهة وصد اي جيش قد يرسله رضا شاه الى المنطقه ، اما على الصعيد السياسي ارسل في آب من نفس العام برقية الى الملك القاجاري " احمد شاه " الذي كان في زيارة الى باريس يدعوه فيه المجيء الى المحمرة وطلب منه ان يدخل ايران عن طريق عربستان وبعد يومين ارسل رسائل الى مجلس النواب الايراني ورؤساء البعثات الاجنبية في طهران ، وبعضا من علماء الدين العظام واتهم من خلالها رضا شاه بانتهاك الدستور وجعله تحت اقدامه ، كما انه غتصب بغير حق صلاحيات الشاه . وقد وعد الشيخ خزعل من ارسل لهم الرسائل انه هو وانصاره سيبذلون قصارى جهدهم للثبات على مبادئ ثورة الدستور وانهم يجب ان يطمئنوا لعودة الملك . وفي رسالة لرجال الدين هاجم الشيخ خزعل بشدة رضا شاه واعتبره عدوا للاسلام وللملك و لثورة الدستور وقال انه قرر ان يطيح برضاخان حتى لوضحي بنفسه في سبيل ذلك .
الدبلوماسين البريطانيين بين مؤيد ومعارض .
لم يعلم خزعل ان مؤيديه من البريطانيين في ايران قد تناقص الى حد كبير ، وان انصاره من البريطانيين ما هم الا جماعة من القناصلة البريطانيين يشغلون مناصب دنيا في مختلف مناطق الجنوب ، و ان الغالبية العظمى منهم موظفين لدى حكومة الهند ، وكان اي جي بيل القنصل البريطاني في الاهواز المؤيد الرئيسي للشيخ خزعل قد دعى ومنذ عدة شهور الى الاطاحة برضا خان وقد كتب اوائل "مهر ماه " ايلول عدة تقارير الى وزارة الخارجية البريطانية دافع خلالها عن مواقف خزعل .قائلا:
" يبدو لي ان سياسة المركزة التي ينتهجها رضا خان قد فشلت بشكل ذريع ، وان القومية البخيارية قد انحازت الى جانب الشيخ خزعل الذي اصبح بمقدوره ان يستنفر 25000 الف عربي ، ان هذا القوى فيما اذا وقفت بريطانيا على حياد لقادرة ان تلحق الهزيمة به رضا خان ان الشيخ خزعل واثق انه باستطاعته ان يجبر رضا خان على التنحي ، كما انه الانسب على الحفاظ على ارواح واموال البريطانيين في "عربستان" و بالاضافة الى بيل كان هناك مؤيدا آخر بريطانيا آخر لخزعل هو وهو القنصل البريطاني في مدينة بو شهر ، هو بريدو الذي كتب رسالة الى وزير خارجيته يقول فيها : " ان العمل الوحيد الذي يمكن ان تقوم بها بريطانيا هو ان تظهر بانها اكثر ولاءا من غيرها للشيخ خزعل عندها سوف ينتهي امر رضا خان وعندها سوف يعود احمد شاه وان الشيخ خزعل سوف يحافظ على جميع مصالحنا " .
ولكن يبقى السير برسي كوكاس من اكبر المدافعين عن الشيخ خزعل الا ان هذا الرجل كان في طريقه الى التقاعد من منصبه بصفته المندوب السامي الاعلى للحكومة البرطانية في العراق ، كما ان كرزن هو الآخر قد ترك منصبه كما العالم برمته قد تغييرجذريا بعد الحرب العالمية الاولى ، من هنا لم يعد بالامكان عمل اي شيء . لقد كان كاكس احد مهندسي اتفاقية عام 1919 كما ان جعل الشيخ خزعل من المدافعين عن المصالح البريطانية في ايران من اهم انجازاته ومما لا شك فيه كونه يرى نفسه متفرجا على صعود رضاخان وسعيه من اجل الاطاحة بشيخ خزعل يؤذيانه للغاية .
وفي مقابل المدافعين عن الشيخ خزعل كان آزموند اووي الذي خلف لورين اثناء غيابه بشكل مؤقت كان موقفه مشابها لموقف زميله لورين فانه من اكبر المدافعين والمتحمسين لقيام حكومة مركزية قوية في ايران ، من هنا كان نهجه السياسي يتماشى كليا و سياسية رضا شاه . لذلك اقلقته تقارير القناصل البريطانيين فكتب الى مكدونالد قائلا : " انه لحق مخيف ان يرى قنصلنا في مدينة بوشهر نفسه حرا لكي يقترح على حكومة صاحبة الجلالة ملكة بريطانيا لكي تلتحق بمؤامرة الاطاحة برئيس الوزراء و ان تدعو الملك العودة الى البلاد . كما انتقد" اووي" بشدة موقف" بيل" القائل "اذا حصلت مواجهة فان الغلبة ستكون لشيخ خزعل " وكان اووي قد طلب سابقا م مكدونالد ان يخير رؤساء القنصليات البريطانية بين التعاون مع السفارة في طهران اة الاستغناء عن وظائفهم وقد ايدت وزارة الخارجية البريطانية موقف اووي ووقفت الى جانبه . وقد كتب اليفننت نيابة عن مكدوناد رسالة الى بيل انتقده بشدة قائلا : لا يحق للقنصل ان يرسل وعلى بعد 700 ميل السياسة الخارجية للعاصمة ... كون بمقدور ان يكون السيد اووي حكمه ... الذي يتوقع " كما ان السيد ويكتور مالت الذي الذي خلف ج. بي . جرجيل كمسؤول عن الشؤون الايرانية في وزارة الخارجية البريطانية ، وهو ايضا من اكبر المتحمسين لقيام حكومة مركزية قوية في ايران كان قد قال ، ليس بمقدور بريطانية ان تفعل شيئا ، لان رضا شاه شخصية اكبر من ان تقارن مع رؤساء وزراء ايران السابقين و لا يمكن ان يتنحى عن منصبه بسهولة ، واخير امر مكدونالد نفسه القنصل البريطاني في مدينة الاهواز والقتصل البريطاني في مدينة بوشهر ان يوحدوا موقفهم مع موقف السفارة البريطانية في طهران ازاء الشيخ خزعل يبدأوا بالتحريض ضد رضا خان .
قلق شركة النفط البريطانية :
كما لا ننسى كان لموقف شركة النفط دورا حيويا وحاسما في البت في حل ووربط مثل هذه المسائل ، وهنا يمكن القول لا يوجد الا القليل بين الاوساط العاملة في شركة النفط من هو مؤيدا لرضا شاه و الجميع لا يقبل الدليل القائل انه بمقدور حكومة مركزية قوية ان تدافع عن المصالح النفطية في المنطقة ، مع ذلك كانت شركة النفط قلقة وخائفة الى ابعد الحدود كون هذا القلق ولمتنثل بعصيان الشيخ خزعل ومواقفه العدائية ضد خصمه لربما من شأنه ان يثير حرب داخلية في قلب المناطق النفطية ، ما الدليل القوي الآخر الموجه ضد الشيخ خزعل هو من يدري اذا اطيح بر ضا خان ما هي الضمانات ان كبار ضباط الجيش والذين يحضون بتأييد الرأي العام الايراني لا ينتهجون نفس النهج المعادي لأمير المحمرة ، ان الرأي العام بالنسبة لاركان السفارة البريطانية وكبار مسؤولي شركة النفط يحتل اهمية خاصة ، لان سمعة الشيخ خزعل قد تدنت الى ابعد الحدود حتى المدرس الذي بعث الشيخ خزعل برسالة له لم يرى من المصلحة ان يتكلم حتى بكلمة واحدة لصالحه وكان اعداء رضا شاه يدركون جيدا اذا انهم دافعوا عن خزعل فانهم سوف يتهمون بالعمالة الى بريطانيا وسوف يشهر بهم على انهم غير وطنيين ويعارضون اي جهود من شانها ان تحافظ على الوحدة الوطنية الايرانية ،وفي آواخر الصيف كتب مكدونالد الى اووي قائلا :
" ان شركة النفط قلقة للغاية ، فقد ابلغ الشيخ البختياريين والقشقائيين والاخرين انه سوف يحرس منطقته ، كما انها لا تعلم ما هوالهدف من مضمون الدعوة التي وجهها الشيخ خزعل لاحمد شاه بالمجيء المحمرة ؟ هل هي مساعدته في تحقيق رغبته القاضية باستقلال جنوب ايران ام ان هناك مور اخرى ؟ .
وقد امر مكدونالد، اووي ان يكتب البرقية التالية ويرسلها الى الشيخ خزعل :
يستطيع ان يكون مطمئن البال بان حكومة صاحبة الجلالة ملكة بريطانيا سوف تبذل قصارى جهدها من اجل حث الحكومة الايرانية على الاهتمام بحقوقه ومصالحه ولكن في نفس الوقت مضطر ان اذكركم ان تعهدتنا ازاء خزعل منوطة بولائه للحكومة المركزية الايرانية و طلبوا منه بشكل ودي ان يمتنع عن القيام بالابتعاد عن استخدام العنف لانه سوف يلحق ضررا كبيرا بمصالحه وعلى القنصل البريطاني في مدينة بوشهر ان يطلع هعلى هذه البرقية شخصيا .
كما ان شركة النفط في لندن وفي ظل هذه التصريحات لا تستطيع ان تتخذ قرارات حاسمة وان كان خبيره المميز في شؤون القبائل الدكتور ام. وي . يانك كان يؤيد قيام حكومة مركزية قوية في ايران . واذا تجاوزنا هذه الوقائع ، فأ، رؤساء شركة النفط بقوا عاجزين عن اتخاذ القرار ، لذلك فتح الطريق لاتخاذ قرارت مؤقتة تصدر من قبل وزير الخارجية و الدبلوماسيين في كل من لندن و طهران .
الصحافة العراقية تؤيد و السوفيتية تستنكر :
اما العامل الآخر الذي جعل واضعي السياسة البريطانيين يترددون في اتخاذ المواقف هو الحرب الدعائية السوفيتة التي اطلقت ضد الشيخ خزعل ، وفي المقابل فان الصحف العراقية اعلنت تأييدها للشيخ خزعل وكان المضمون المشترك لجميعها هو على العرب ان يتحدوا حتى يتسنى لهم الدفاع عن الشيخ خزعل وعربستان وفي رد على ما ورد شن الاعلام السوفيتي حملة شعواء ضد الشيخ خزعل وحماته متهما اياهم عملاء المؤامرات الشيطانية البريطانية متهمين الشيخ خزعل بارسال الاموال الى معارضي رضا خان في طهران كما اته ارسل برقيات الى احمد شاه في باريس لكي يرتب قيام دولة مسقلة في عربستان " خوزستان " لقد تركت الحرب الكلامية بين السوفيت و البريطانيين اثرا كبير على كيفية التفكير البريطاني وقد اصبح الخطر السوفيتي مرة ثانية جزء من المعادلة وقوى النظرية القائلة انه من الافضل ان يأتي رجل قوي في طهران حتى يستطيع ان يقف حائلا دون التمدد البلشفي ، وكان انصار رضا خان يسئلون على ان الرجل الذي يجب ان يستسلم هو الشيخ خزعل الذي تنحصر اماله في الحفاظ على سلطته و زيادة ثرواته .
يتبع 


 
Free Hit Counter Search Engine Submission - AddMe