الأحد، 1 نوفمبر 2009

من هم الأمويون ؟

من هم الأمويون ؟



الطيب آيت حمودة


 
هي دولة اسلامية أموية قامت على خلفيات الصراع الذي رافق اغتيال الخليفة الثالث عثمان بن عفان كرم الله وجهه ، وما صاحب ذلك من تسنج بين العلوية والأموية ، انتهى الأمر باستخلاف معاوية بن سفيان بعد حادثة التحكيم الشهيرة .
حكموا البلاد الاسلامية بحد السيف على مدار ألف شهر كاملة ،( تسعون سنة ، ,أحد عشر شهرا وثلاثة عشر يوما ) ، وأكثر خلفائها بلاء على المسلمين ثلاث ، معاوية مؤسس الدولة ، وعبد الملك بن مروان ، وهشام بن عبد الملك ، وفترات حكم الثلاثة هي الأطول في حياة الدولة ،(60سنة). وأكثرهم حلما وعطفا و تطبيقا لمباديء الاسلام عمر بن عبد العزيز الذي لم تزد خلافته عن سنتين ونيف ،
امتدت فترة حكمهم من 41 اٍلى 132 هجرية ، وورثوا دولة شاسعة تم فتحها في عهد الخلفاء الراشدين الأربعة .
كيف وصلوا الى منصب الخلافة ؟
وصلو الى منصب الخلافة عن طريق الدهاء السياسي ، بعد حادثة التحكيم ، وخالفو مبدأ الشورى في الحكم ، فأسسوا دولة وراثية مسايرة لأنظمة الحكم عند الساسان والرومان ، فأصبحو ا أكاسرة العرب وقياصرتها . واستعان معاوية في وضع ركائز دولته على ثلاث دهات من دهات العرب : عمرو بن العاص صاحب فكرة رفع المصاحف والتحكيم في صفين ، والتي انتهت بظفر معاوية بالسلطة ، وولي كمكافأة له ولاية مصر طول العمر[1] ، وزياد بن أبيه ( أخوه بالتبني ) وسماه زياد بن أبي سفيان لما له من عبقرية ودها ء وحسن تدبر ، واستعان به في حفظ فارس والعراق ، والمغيرة بن شعبة وهو محرض معاوية على جعل الخلافةوراثية في أبنائه وهو أول راش في الاسلام [2] ،وقد استعان معاوية بالدهاء أحيانا والعطاء أخرى ، مع الاغداق بسخاء على قادةالجند ، ويتساهل في معاقبة عماله ويغضي عن سيئاتهم [3]
هل لدولتهم مكاسب تخدم الاٍسلام والمسلمين ؟
الأمويون في الحقيقة قدموا خدمة جليلة في عملية انتشار الاسلام ، فقد زادوا من رقعة الدولة الاسلامية التي أصبحت تمتد من الأندلس مرورا بالمغرب ومصر والشام والعراق وأراضي ما وراء النهرين ، كانت دولة عسكرية مستعدة للجهاد والفتح ، وخلقوا دواوين جديدة استدعتها الظروف ، وأنشأوا مدائن في البلاد المفتوحة ، وشيدوا المسجد الأموي بدمشق ، ووسعوا الحرمين المكي والمدني على يد عمر بن عبدالعزيز ، وعربوا الدواوين في الأمصار وحافظوا على قوة الدولة ، ويطلبون السلطة على أن لايشاركهم فيها أحد وكان عبد الملك بن مروان يقول : (لا يجتمع فحلان في أجمة )[4] ، وبذلك كونوا مايسمى بالدولة العربية الخالصة .
ماهو الوجه الخفي في سياسة بني أمية في تعاملهم مع الرعية ، وهل بقي الشأن على ماكان عليه أيام الخلفاء الراشدين ، من تسامح وعدل بين الرعية ، وتوزيع مرض في العطاء والتكريم ، والحرص على تطبيق تعليم الاسلام كما وردت في القرآن والسنة ؟
الأمويون سلكوا منهجا مغايرا في تعاملاتهم مع الرعية الاسلامية وأهل الذمة ، وخالفوا المنهج الاسلامي الحق، باستثناء فترة حكم عمر بن عبد العزيز الذي يضم عهده الى عهد الخلفاء الراشدين لأنه سعى الى استعادة نهجهم في ادارة الدولة ، غير أن حكمه لم يعمر طويلا ، وأصدق القول أنني صدمت خلال تتبعي لسياسات الأمويين في تعاملهم مع الرعية في أوجهها المختلفة ، والتي تمثل الحلقة الأوهن والسوداوية المطلقة في حكمهم ، وما الانتقادات اللاذعة التي وجهت لهم من القريب والبعيد ، التي تزخر بها كتب التراث خاصة المعاصرة للحدث ككتاب الأغاني للأصفهاني ، ومروج الذهب للمسعودي ، وغيرهما ، كابن الأثير ، وياقوت الحموي والفخري ......اٍلا أصدق برهان على صدق القول ، كما أن المرأ قد يصاب باحباط نفسي جراء اطلاعة على مظالمهم وجبروتهم ، التي شملت الجوانب الدينية والاخلاقية والاقتصادية ، وسناتي بنوع من الاختصار لأن الالمام بها وتحليلها يحتاج الى مجلدات ومصنفات . والغريب في الأمر أن بعضنا يرى جوانب القوة والعظمة العربية في عهدهم ، دون التفكير في الاساءات التي سببوها للاسلام والمسلمين ، اٍما لجهل أو لهوى في النفس . وبذلك يمكن القول بأن دولتهم لم تكن دولة اسلامية بالمعنى الصحيح ، بقدر ماكانت دولة دنيوية (علمانية ).
فهم اغتصبوا الحكم بغير بوجه حق من أصحابه الشرعيين العلويين ، وأسسوا لحكم وراثي مغاير لما يدعوا اليه الاسلام ( وأمرهم شورى بينهم ) وأستعملوا الشدة والقسوة والجبروت في اسكات المعارضين لهم . وأحيوا العصبية التي حاربها الاسلام ، وبذروا الأموال ، واستخفوا بالدين ، وداسوا المقدسات ،وخلقوا أمة من المنبوذين المشكلة من الموالى والعبيد والارقاء ، وجاروا على أهل الذمة ونكثوا العهود.
أولا العصبية عند الأمويين :
تجمع الدراسات المنصفة على أن الأمويين فتحوا شقا فسيحا في التراجع عن مباديء الاسلام التي وردت في القرآن ، فأصبح العمل بالآية الكريمة ( ان أكرمكم أتقاقكم ) مستبعدا ، وأنقلبت الآية ألى ( اٍ ن أكرمكم أعربكم ) ، وارتدوا الى حال جاهليتهم ، وحافظوا على مقتضيات البدواة ، فظلت خشونة البادية غالبة على حكومتهم وظاهرة في سياستهم ، وخلقوا عصبيتان عصبية داخلية فيما بين العرب أنفسهم ، وأخرى موجهة ضد المسلمين من غير العرب (الموالي). وهذا ما أدى الى تأجيج الخلاف وخلق الفكر الشعوبي عند الموالي الذي أمتد أزمانا وما زلنا نجني ثماره الى الآن . فهم حقا من المؤسسين للفكر الشعوبي لمخالفتهم شرائع الله في الأمر .[5] وما المد الشعوبي اٍلا ردة فعل عن طغيانهم التعصبي . وكان الأجدر بهم أن يكونوا صارمين صادقين في تطبيق أوامر الله وتشريعاته لأنهم أقرب لعهد الرسول الكريم ومعايشين لنهج خلفائه ، لخلق قدوة ونموذج يحتذى به في التسامح والايثار والأثرة ، لكنهم لم يكونوا أهلا لذلك وفتحوا جبهة للتمرد والعصيان والتفكير في اقامة دول كما هو الشأن عند العلويين والشيعة والخوارج ، فعمت النقمة واشتد وطيس التمذهب وظهور النحل . وهما ما عجل بسقوط دولتهم على يد الموالي سنة 132 هجرية .
ثانيا : تبديد وتبذير للمال العام :
المنح والعطاء من الأساليب التي ابتدعها الأمويون في شراء الذمم والتكثير من المؤيدين والمناصرين لكسر شوكة أعدائهم المتكاثرين ، وهذا العطاء لم تسن له قواعد ضابطة تخدم الاسلام ، وانما وضفت لأغراض سياسية وسلطوية ، فكان المنح مخصوصا للعرب خاصة الذين شهدوا المواقع الهامة كصفين فان معاوية زاد عطاء أصحابها [6] ، وفرضوا الأعطية للشعراء التماسا لقطع ألسنتهم أو للتقرب من قلوب الناس ، وكان الوارعون وأهل التقوى يستنكرون ذلك ، ويرون فيه اجحافا في حق بيت المال، وقال عبد الملك بن مروان ( انعم الناس عيشا من له ما يكفيه ، وزوجة ترضيه ، ولا يعرف أبوابنا الخبيثة فنؤذيه) .[7] وهذا السخاء الأموي يقابله شح من نظرائهم أهل البيت اما عن امساك أو ورع حتى قيل ( ما رؤي في الناس أبخل من أهل البيت ولا من عبد الله بن الزبير .) [8] وكان هذا الامساك سببا من أسباب فشلهم وانحيازالناس الى بني أمية .هذا الأسلوب الأموي في التعامل بالمال العام يخالف السالف الصالح من الخلفاء الراشدين ، ان مال الخزينة يعد مالا للمسلمين ، وليس مالا للحكام ، ويصرف بتدبر وحكمة . وسلط الأمويون عمالهم الأشداء الذين لا يبالون بالدين وأحكامه في سبيل تحقيق أغراضهم في ابتزاز الأموال من البلاد المفتوحة بشتى الأساليب أمثال ابن الحبحاب في بلاد المغرب ، والحجاج في العراق ، حتى بلغت غلة أحدهم عشرة ملايين درهم في السنة وزادت ثروته على مائة مليون درهم [9] وأهم الأبواب التي تجمع فيها الأموال في عهدهم هي الجزية والخراج والزكاة والصدقة والعشور ، وكانت الجزية هي الأساس في الجباية لتكاثر أهل الذمة أيام الفتح ، وعندما دخلوا الاسلام ، شحت المداخيل ،غير ان اسلامهم لم ينجيهم ، اذ طالبوهم بدفعها ولو بعد اسلامهم ، واول من فعل ذلك الحجاج بن يوسف [10] واٍذا شح المال بسبب الاسراف فانهم يلتجئون الى بيع الولايات بالرشوة خاصة في أيام ضعفهم وفساد دولتهم .
ثالثا: استخفافهم بالدين واستهانتهم ثالثابالمقدسات :
كان بنو أمية يدركون أحقية العلويين في الخلا فة ،وأكثر الفقهاءفي زمانهم يقرون بأحقية ذرية علي في الحكم ، لكن العصبية كانت معهم والقوة الغالبة الى جانبهم ، وكان الخلفاء يقطعون ألسنتهم بالعطاء والمحاسنة والحلم ، فتعودوا على ذلك وبالغوا فيه حتى زمن الخليفة عبد الملك بن مروان عمد الى الشدة والعنف ، فلما قدم الى المدينة وفيها أنصار اهل البيت خطب فيهم قائلا:
أما بعد فاني لست بالخليفة المستضعف (يعني عثمان) ولا بالخليفة المداهن (يعني معاوية) ولا بالخليفة المأفون (_يعني يزيد).ألا واني لا أداوي هذه الأمة اٍلا بالسيف حتى تستقيم لي قناتكم ، وانكم تحفظون أعمال المهاجرين الأولين ولا تعملون مثل اعمالهم ، واٍنكم تأمروننا بتقوى الله وتنسون ذلك من أنفسكم ، والله لايأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا الا ضربت عنقه )[11] وكان شديدا مهاب الجانب يجاهر بالقوة والسيف ، ولو فيما يتعارض مع الدين ولعله مطابقا لعامله الحجاج في الاستهانة بالدين ، يروى أنه عند ما جاءوا له بخبر الخلافة كان قاعد اوالمصحف في حجره فاطبقه وقال : (هذا آخر العهد بك ) أو ( هذا فراق بيني وبينك)[12] .
هذا الاستخفاف العقيدي ولد لدى الأمويين تجاوزات خطيرة في حق أقدس المقدسات ، ولا عجب أن يكلف الخليفة اشد عماله بطشا وجرما الحجاج بن يوسف بضرب الكعبة بالمنجنيق ، وقتل ابن الزبير على عتباتها ، واجتزاز رأسه بيده داخل مسجد الكعبة [13] وقتلوا الناس فيها ثلاثا رغم حرمة المكان وقداسته ، وهدموا الكعبة وأوقدوا النار بين احجارها وأستارها [14] ودخلوا مدينة الرسول الأكرم وسفكوا دماء أهلها ، وكان( جندهم ) الأقباط و الأنباط يدخلون على نساء قريش فينزعون خمرهن من رؤوسهن وخلاخلهن من أرجلهن بسيوفهم على عواتقهم والقرآن تحت أرجلهن .[15] وقتلوا من الصحابة والتابعين المعارضين لهم خلقا كثيرا ، وأمروا بلعن علي على المنابر ، ومن لم يلعنه من العامة قتلوه ، وأطلق الحجاج اسم ( خليفة الله )على عبد الملك ) وعظم شأن الخلافة وفضلها على النبوة ، وبلغ الاستهتاربهم حتى جعلوا هشاما خير من النبي [16] ولاعجب بعد ذلك أن يقدم سكيرهم (الوليدبن يزيد) على رمي القرآن (المصحف )بالنشاب وهو في مجونه وسكره . منشداومخاطبا للقرآن :
اذا لا قيت ربك يوم حشر ========= فقل لله مز قتي الوليد [17].
رابعا: يشاع عن الأمويين أنهم أهل تجبر وقتل ودموية ، وأن دولتهم دولة قوة وسيف وغطرسة ، أكثر منها دولة تسامح واسلام .هل يحق لنا وصفهم بذلك ؟
هذا الوصف ليس مطلقا على الجميع ، فعهد عمر بن عبد العزيز وان كان زمنا قصيرا يمثل أروع مثال للدولة الاسلامية ، أما ماعدا ذلك ، فالأوصاف المرصدة صحيحة وتمثل جبلة في عقليتهم وارتداد كليا عن التعاليم الاسلامية السمحة في التعامل مع الرعية مؤمنهم ومسلمهم ، أحرارهم ومواليهم ، فلا شأوى لهم سوى التعصب لقومهم ، وقد أوردت المصادر المعاصرة لحكمهم ما لايقبله المنطق ولا يتصوره العقل في الاهانة للبشر زجرا وقتلا وتحقيرا وذما وتمثيلا بالجثث ..... ومال لايقال كثير . فهم بارعون في تطبيق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة .
ولا غرو أن بأسهم شديد على معارضيهم ، و من باب الزجر والترهيب يلجأون الى قطع الرؤوس ويطوفون بها من بلد الى بلد ، يصلبون الجثث حيث تكثر الحركة ، ( من أجل ترهيب الناس ليذعنوا لسلطانهم) ، وأول رأس طافوا به رأس عمر بن الحمق الخزاعي [18]
وتوالت العملية ، رأس الحسين بن علي أرسل من قبل ابن زياد الى الخليفة يزيد بن معاوية ، ونفس الشيء فعله الحجاج برأس ابن الزبير ورؤوس أصحابه ، أرسلها من مكة الى الخليفة عبد الملك بن مروان في الشام ، وأصبح التمثيل والتشنيع بالموتى سلوكا وممارسة في معالجة مشاكلهم ، وتروي المصادر عن وجود خزانة للرؤس الآدمية في بلاطهم . يحفظون كل رأس في سفط خاص [19] ، ولم يسلم بن بطشهم وجبروتهم حتى الأطفال مثل مافعله بسربن أرطأة في اليمن [20].
خامسا/ من نتائج الفتح الاسلامي القريبة اتساع الرقعة الجغرافية ، وازديادعدد المسلمين ، كيف كانت سياسة تعامل الدولة مع هذه الأقوام التي وصلوها .؟
تعامل الأمويين مع أهالي البلاد المفتوحة فاق في قسوته ما كان في بلاد العرب ، خاصة بعد تكاثر الموالي ( الموالاة) ، وازدياد الرقيق بلونيه الأبيض والأسود (بالهدي والأسر ) وازداد عددهم زيادة كبيرة ، واستخدمهم العرب في مجالات مختلفة ، واستعملوهم في الحرب والفتح ، وقد تجاوزت أعداددهم عدد الأحرار أحيانا ، ومع ذلك كان بنو أمية يحتقرونهم ويضطهدونهم ، وهم يصبرون على ذلك أو يفرون من سلطانهم اٍلى أطراف المملكة ، وممن فر من جور بني أمية ميمون جد ابراهيم الموصلي المغني المشهور [21]، وسنو قوانين عرفية منها منع زواج الموالي بالعربيات وبالغوا فيه رغم تعارضه مع الشرع ، وأغدقوا على الشعراء بالعطايا لهجوهم والتحقير بهم ، ونظرا لتضخم هذه الطبقة فقد سن الأمويون تصنيفات وترتيبات لهم تحتاج الى مبحث منفصل ، وأحيانا يتكتل الموالي مع المناوئين للدولة ، مثل ماحدث في ثورة المختار بن أبي عبيد سنة 66 هجرية ، التي شارك فيها خلق كبير من ألأعاجم للمطالبة بدم الحسين .
وتشير المراجع المعتمدة الى انتشار ظاهرة تبادل الهدايا بالموالى والغلمان والجواري ، فبالغوا في وصفها والتباهي بأعدادها خاصة بعد فتوح افريقيا ، اذا ترد الاحصائيات أن عدد الموالي المهجرين نحو مراكز الولايات وبلاط الخلفاء كان بمآت الآلاف .........
وأكثر السبي كان في بلاد المغرب والأندلس ، اذ كانوا يباعون بالجملة ، ومن كثرتهم ، فقد ظلوا يبيعون الأسرى مدة ستة أشهر[22] ، وكانت قيمة العبد تختلف حسب خصوصياته الجسدية والمهارية ، فالعبد الذي لا يعرف صناعة بيع ب 100دينار ، والراعي ب 200دينار ، ، وصانع النيبال ب 400دينار ، وقارض الشعر ب 600دينار [23] وكانت القاعدة المتداولة أن البلاد المفتوحة عنوة ملكا للفاتحين بما فبها من البشر والدواب والبساتين والأنهار والأشجار كما أشار الى ذلك عمر بن العاص ( ان مصر فتحت عنوة وأهلها عبيدنا ندير عليهم كيف شئنا .)[24]
سادسا/ كيف كان تعامل الأمويين مع أهل الذمة .؟
الا سلام جاء للناس كافة ، و كان التعامل متميزا بين أهل الكفر ، وأهل الايمان ، وعومل أهل الذمة في اطار العقيدة الاسلامية في عهد النبي وخلفائه الأربعة ، وكانت القاعدة تنحو نحو اقامة العهود معهم كالعهدة المحمدية ، كما وردت اخبار كثيرة عن اكتتاب العهود ، منها عهدة عمر بن الخطاب مع أهالي الشام التي تناولها الدراسون بالتحليل والمناقشة ، وأكثر مواد هذه العهدة واردة في كتب الفقه ، ومهما يكن فان عهد الرسول وخلفائه من بعده اتسمت بنوع من التسامح مع أهل الذمة في الاحتفاظ بمعتقدهم وممارسته وفق شرط أساسي هو دفع الجزية مقابل الدفاع عنهم .
أما بنو أمية فانهم ضيقوا على الذميين أشد تضييق ، وزادوا من الجزية والخراج وشددوا في تحصيلهما ،وأخذوا الجزية حتى فيمن أسلم ..؟ وكانو يحتقرونهم ، ولا غرابة في ذلك مادام التميز قائما في سياستهم ، فكانت الطبقية جلية ( العرب ، الموالي ، أهل الذمة ) وهذا ما يؤكده قول معاوية في أهل مصر .....( وجدت أهل مصر ثلاثة أصناف ، فثلث ناس ، وثلث يشبه الناس ، وثلث لا ناس .) [24] الثلث الأول هم العرب ، والثاني هم الموالي ، والثلث الأخير هم أقباط مصر .
خاتمة / ان هذه الصورة المظلمة في حياة الدولة الأموية ، صورة تتكررمع كثير من الدول التي اعقبتها ،(وما أشبه اليوم بالبارحة ) ، واذ ا دوننا ماذكرناه من حقائق على لسان مؤخي العرب ليس تشنيعا أو شنآنا بقدر ما هو من أجل الحقيقة ، وحتى لاتتكرر مآسي المسلمين ، وليس العيب في سقوطنا وانما العيب البقاء حيث سقطنا ، و استنساخ الخطأ والتمادي فيه . ومن موقعنا فاٍن تجريم الأفعال أولى من تجريم الأشخاص .
ونافلة القول أن دولة الأمويين عظيمة في فتوحاتها ، قوية بعساكرها ، وضعت الركائز الأولى لسيادة الحكم العربي ، منهجها في الحكم لم يكن مسايرا في كثيره مع تعاليم الاسلام ،و لم تكن في مستوى عظمتة ، الاسلام الذي تحول عندهم الى وسيلة بعد ان كان غاية .


الحواشي: /

[1]المقريزي 300ج1 [2] ابن الأثير 225ج3 [3]المارف 189 [4] ياقوت الحموي 783 ج4 [5] ايثعيذل مقالة بعنوان بنو أمية عرابو الفكر الشعوبي .[6]المسعودي 157/ج2 [7] ابن الأثير 183ج10 [8] الأغاني 105ج13 [9] الأغاني 62ج19 وابن خلكان 361ج2 [10] جرجي زيدان / التمدن الاسلامي [11] ابن الأثير 257ج4 ، الأغاني 60ج16[12] أبو الفداء 205ج 1 [13] العقد الفريد 256ج 2 [14] ابن الأثير 36ج 5 [15]ابن خلكان 274ج2 [16] ابن الأثير 257ج4 ، الأغاني 60ج16 [17]الأغاني 125ج6 ، المسعودي 134ج2 [18]المعارف ص 187 [19] الفخري248ج2 [20]الأغاني 44 ج15 [21] الأغاني 2 ج5 [22]نفح الطيب 213ج1[23]الأغاني 133 [24] المقريزي 50ج

 
Free Hit Counter Search Engine Submission - AddMe