الأربعاء، 16 ديسمبر 2009

" مسلمة الحنفي ... قراءة في تاريخ محرّم "

في كتابه - مسلمة الحنفي ... قراءة في تاريخ محرّم -


محيي المسعودي



في كتابه " مسلمة الحنفي ... قراءة في تاريخ محرّم "
الباحث العراقي جمال علي الحلاق يُعيد ل"مسيلمة الكذاب" اسمه وعقيدته
(( الم ترى الى ربك كيف فعل بالحبلى , اخرج منها نسمة تسعى , بين صفاق وحشا, وان الى الله المنتهى .. ..... والشمس وضحاها . في ضوئها ومجلاها . والليل اذا عداها. يطلبها ليغشاها . فادركها حتى اتاها واطفأ نورها ومحياها. ))
هذه بعض من آيات "مسيلمة الكذاب " التي استظهرها الباحث والشاعر العراقي المقيم في استراليا جمال علي الحلاق في كتابه الذي صدر عن دار الجمل للنشر والتوزيع بعنوان "مسلمة الحنفي ... قراءة في تاريخ محرّم" وجاء الكتاب في 190 صفحة من القطع المتوسط . ويُعد الاول من نوعه في اعادة قراءة "تاريخ محرّم" بلغة صريحة . يمهد البحث للكشف عن شخصية مسلمة الحنفي او من عُرف ب "مسيلمة الكذاب" من خلال اعادة قراءة تاريخ العقيدة الحنفية والاحناف في الجزيرة العربية, اعتمادا على اكثر من 100 مرجع من بينها امهات الكتب واولها القران الكريم, كما نقّب وحفر الباحث في المراجع والدواوين الشعرية العربية لشعراء من العصر الجاهلي والاسلامي بكل مراحله واستغرق الباحث سنوات طويلة وهو يجمع جمل واحاديث وابيات شعر متناثرة في مصادر متعددة وفي ازمنة وامكنة مختلفة ليُعد تركيبها ويكشف عن بعض الحقائق المغيبة والمهربة والمسروقة . الكتاب بذاته يكشف عن مقدار الجرأة والمخاطرة الكبيرتين اللتين تميز بهما الكاتب, ذلك, عندما تناول تاريخ سعت المؤسسة الدينية الى طمسه على مدار اربعة عشر قرنا, وعدت الحديث عنه بمثابة ردة عن الاسلام يكون مصير الخائض فيها القتل . هناك ثمة حقائق كشفها واكدها الباحث, اولى تلك الحقائق ان مسلمة الحنفي "مسيلمة" لم يكن "مرتدا" كما سعت المؤسسة الدينية الى ترسيخه في العقلية الجمعية على مدار القرون الماضية لان مسلمة الحنفي لم يكن مسلما اصلا حتى يرتد عن الاسلام بل كان نبيا حنفيا من بين عشرات الاحناف المعروفين في الجزيرة العربية قبل واثناء ظهور الديانة الاسلامية وان الاخير دعا الى التوحيد قبل النبي محمد "ص" وبعده . وبيّن الباحث ان الاسلام امتداد للديانة الحنفية كما يؤكده المسلمون بقولهم " حنيفا مسلما" اذ قدموا الحنيف على المسلم . وقسم الباحث الاحناف الى اقسام . ذكرمنهم احناف اليمن ونبيهم عبهلة العنسي واحناف اليمامة ونبيهم مسلمة الحنفي واحناف مكة ونبيهم محمد بن عبد الله وانبياء آخرون . ودحض الباحث معظم الصفات الخُلقية والخلقية السيئة التي وصَفت بها المؤسسة الاسلامية "مسلمة" من خلال ما دونه المؤرخوها ورموزها . وشكك بمدونات هذه المؤسسة لانها هي المنتصرة وهي التي كتبت هذا التاريخ , واستظهر واشار الباحث الى مفاصل مهمة في التاريخ سعت المؤسسة الاسلامية الى طمسها وتعميتها وتهريب الحسن من الاحداث والاحاديث الى ذاتها ورموزها . وخرج الباحث بحقيقة مفادها ان التاريخ لم يدون الحقائق والوقائع التاريخية بصدق وكان منحازا بالكامل الى المنتصر الذي كتبه . ومن الجدير بالذكر ان الكاتب جعل كتابه في قسمين , الاول جاء بمبحثين المبحث الاول عمد فيه الى تاسيس قاعدة منهجية لقراءة الاخبار وكيفية استظهار الحقيقة التاريخية منها . والمبحث الثاني سعى فيه الى كشف الارضية السياسية والاجتماعية والاقتصادية لمنطقة اليمامة "موطن مسلمة الحنفي وعشيرته ومريديه انذك ومدى تاثيرها في شبه جزيرة العرب . اما القسم الثاني من الكتاب فقد جاء عبر تسعة مباحث تخصصت جميعها في دور وفاعلية مسلمة الحنفي على الصعيد الثقافي والاجتماعي والسياسي والعقائدي قبل دعوة النبي محمد واثناءها وبعدها ثم الحق بها مبحثا عاشرا تناول فيه سجاح بنت سويد نبية بني تميم وزوجة مسلمة . واستطاع الباحث جمع وترتيب بعض ما تبقى من قرآن مسلمة مؤكدا فيه دعوة مسلمة الى التوحيد . وجاء في مقدمة الكتاب قول الباحث جمال الحلاق " ان التردد والخوف في الاقتراب من الحقائق التاريخية المسكوت عنها هو بحد ذاته خيانة لوجود ذات الباحث , قبل ان يكون خيانة لمنهج البحث والمعرفة , كما ان التسليم بالتحريم يعني مباشرة انه لا مجال للتغيير الاجتماعي . " وسيظل المجتمع يستنسخ نفسه ويصبح الكل فائض عن الحاجة . وقال الباحث ان المؤسسة الدينية بانغلاقها عملت على العكس من الآية القرآنية القائلة " الم نجعل له عينيين * ولسانا وشفتين ..." وذلك عندما اختزلت الانسان بالاذن فقط التي تجاوزتها الاية . وحوّلت هذه المؤسسة الامة الاسلامية على طول التاريخ الى اذن فقط . ليتحول العالم الى ما يشبه القطيع, من خلال زرع الخوف بين صفوفه اتجاه النصوص المقدسة وقتل الجرأة عند الناس في السؤال او الخوض فيها وفي تاريخها حتى اصبح المسلم يرى العالم بين واحدة فقط هي عين المؤسسة .
وختم الباحث كتابه بالقول : هذا البحث محاولة في الاقتراب من كنه التكالب الجمعي على نبذ مسلمة الحنفي كوجه آخر للحنفية , واعادة قراءة ما تمّ تهريبه من سيرة الرجل المبثوثة كجمل قصيرة او اخبار مضببة واخرى معمات حتى يصعب على الذهن البسيط بلوغها , لكنها تظل مفاتيح لكثير من الاقفال التي تغلق مسامات التنفس على الرأي المختلف , وتضيق الخناق على التجربة الحياتية المختلفة.
واخيرا تجدر الاشارة الى ان الباحث لم يذكر العلاقة بين تسمية الموحدين العرب الاوائل ب "الاحناف" وبين قبيلة مسلمة الحنفي أي "بني حنيفة" وهل ان تطابق الاسماء جاء صدفة ام ان الديانة الحنفية "التي كان النبي محمد احد رجالها قبل دعوته للاسلام" هي ديانة بني حنيفة وقد سُميت باسمهم .


 
 
Free Hit Counter Search Engine Submission - AddMe