الجمعة، 30 أكتوبر 2009

المثليّة الجنسيّة (18)

مثليّة تتحدث عن نفسها
بقلم شيرين خطيب  


ملاحظة: في مجتمعاتنا قلما تجرؤ امرأة على الإعلان خارج الغرف المغلقة عن غرامها برجل فكيف إذا كانت مغرمة بامرأة؟ هذه شهادة استخلصتها من مثلية وثقت بي. وحاولتُ نقل شعورها بالغربة مع بعض التفاصيل الموحية كتعرضها للضرب على يدي صديقتها. ((الكاتبة))
أحببتها أكثر مما أحببت أية امرأة أخرى، كانت حبي الأول… أحببتها بعمق وبراءة، واستسلمت إليها بعفوية كلية. كانت تكبرني سناً لكنها رقيقة وجميلة للغاية وطيبة مع الجميع، وتشجعني على المضي في حياتي بقوة وشجاعة. وعندما سألتها مرة كيف اكتشفت أنها مثلية؟ أجابت: ((النساء بشكل عام يحاولن كل يوم الحصول على حريتهن وحقوقهن، فهل يحاولن أيضاً أو يقمن بمحاولات للتغيير في جنسانيتهن التي أصبحت سلبية مع مرور سنوات من الضغوط النفسية والجسدية التي مورست عليهن من قبل الرجل "بما أن التغيير قد أصبح متاحاً إلى حد ما إذا أردن ذلك"؟ باعتقادي نعم. وفيما يتعلق بالإثارة التي تؤدي إلى ذروة النشوة الجنسية؛ فأكثرية النساء بحاجة إلى طريقة من طرق الإثارة الخارجية غير المهبلية كي يبلغن الذروة بعد أن كانت معرفتهن لأجسادهن غير كافية لبلوغ الذروة، وقولِ ذلك للرجل دون حياء أو رادع)). كانت تذهب إلى الحمام للاستمناء بعد علاقتها الجنسية مع الرجل، وأنا أيضاً كنت رافضة لكل هذا الواقع، واكتشفت أنني سحاقية عندما كنت أذهب إلى الحمام وأغمض عيني، وأتخيل بأنني أضاجع امرأة رقيقة ذات جسد مرن وناعم وتعرف ما أريده بالضبط لأنها امرأة مثلي، بدلاً من الرجل الخشن الذي لم أستطع التوصل معه إلى بلوغ الذروة.
كنت أقيم وإياها في غرفة واحدة، في شقة أختها التي تشرف على رعاية أطفالها بنفسها بعد أن توفي زوجها. كنت أعمل طوال النهار لأتمكن من تسديد جزء من مصاريف المنزل، كما أساعد صديقتي في مصروفها لأنها عاطلة عن العمل. لقد أقدمت صديقتي على ضربي ثلاث مرات بينما كنا نتغازل وهذا لم يكن من طبعها، والسبب يعود إلى أنها كانت ثملة للغاية، وعلى الرغم من طبعي الهادئ إلا أنه هزتني في المرة الثالثة نوبة قوية من الغضب وقمت بشتمها شتماً بذيئاً إلى أن قامت بوضع يديها على فمي بقوة لتمنعني من الكلام، وحتى لا تسمع أختها. قلت لها ألا تعود إلى فعل ذلك إطلاقاً، وقد سامحتها لكنني لم أستطع نسيان هذه الأحداث إطلاقاً. بعد أن بدأت أختها تلاحظ نمطاً معيناً خاصاً من التعامل في علاقتنا راحت تفعل كل شيء لتدفع صديقتي إلى الاختيار بيني وبينها، وأصبحت تضايقني إلى درجة اضطرتني فيها للانتقال إلى شقة أخرى، لكن صديقتي برغم ذلك تحدت أختها وجاءت لتسكن معي بعد أن خيرتها أختها بيني وبينها. أعرف أن أختها لم تغفر لي ذلك إطلاقاً لأنها بقيت على محاولاتها المستمرة لتفصلنا عن بعضنا، وربما هذا ما أدى إلى انفصالنا بعد ستة أعوام مشتركة. وبما أنني كنت مشغولة طوال النهار وجزء من الليل بعملي لأصرف علينا نحن الاثنتين فقد اكتشفت أنها أنشأت علاقة مع امرأة أخرى في غيابي، وعندما واجهتها بالأمر أقنعتني بأنها نزوة وافتتان عابرين وأن ذلك سينتهي قريباً. لم نكن متلازمتين مثل الكثيرات من أمثالنا إذ كانت كل واحدة منا تخرج بمفردها أكثر مما كنا نخرج سوية، لكننا كنا مخلصتين بحيث نعود دائماً في المساء وننام على سرير واحد، إلى أن أخذت تتغيب ليلاً وتحملت الأمر خلال أشهر وأملي أن تعود كما كانت، لكنها لم تعد فطلبت منها أن تغادر الشقة، ورغم ذلك استمرت لقاءاتنا لكنها رفضت الاختيار بيني وبين الأخرى حيث أنها كانت سعيدة للغاية ببقائها معنا نحن الاثنتين. وأنا كنت أعاني من هذا الوضع كثيراً وأشعر بغيرة حارقة وأستسلم إلى البكاء بلا انقطاع، وأشعر بأنني سأموت إن صادفتهما معاً لذا أقلعت عن الخروج. فمنذ أن تعرفت على الأخرى أصبحنا لا نمارس الحب أكثر من مرة في الشهر وأحياناً الشهرين، وبما أنها كانت تتهرب من أي فرصة للمواجهة أو الانفصال فإنها لم تشأ التحدث نهائياً عن ندرة علاقاتنا الجنسية، بل كانت تقول أحياناً إن الموضوع شخصي جداً، وبما أنني لم أعرف سواها فلم تكن لدي أية نقطة للمقارنة بيني وبين امرأة أخرى تجتذبها جنسياً.
لقد أحببنا بعضنا بقوة، وأنا، بسبب تربيتي الدينية ومحيطي المحافظ، اعتقدت أنني لن أقيم علاقة مع واحدة سواها. كنت مستعدة لفعل أي شيء كي تستمر هذه العلاقة، إنما هناك أشياء أكبر من إرادة الإنسان لذلك لم أعد أثق بنفسي؛ كنت أراقب طوال النهار الهاتف الأرضي وهاتفي المحمول على أمل أن تتصل وتطلب مني أن أسامحها، وتقول لي إنها قد أنهت علاقتها مع الأخرى، لكنني كنت مخطئة لأنها كانت تحب الأخرى كثيراً ولا تخرج إلا بصحبتها. حتى قررت نقل مكان عملي إلى مدينة أخرى بعد أن استأذنت من أهلي اللذين يسكنون في إحدى المدن الكبيرة. إنه أفضل قرار اتخذته في حياتي لكي انطلق من جديد في مكان لا أعرف فيه أحداً. هناك لم أجد يوماً واحداً جميلاً بسبب بعدي عمن أحببتهم، لكنني فضلت هذا الوضع على أن أرى كل يوم صديقتي وهي برفقة بديلتي فأتعرض للمقارنة بيني وبينها.
ثلاثة أعوام مرت وأنا أعتقد أن حياتي كلها انتهت لأنني اعتبرت أن تفكيري السلبي هو المسؤول عن فقداني لحبي الوحيد والكبير. بعد أن تجاوزت الأزمة بقينا صديقتين لكن الشرخ بقي على حاله، فكنا نتهاتف كل شهر أو شهرين وأحياناً ثلاثة أشهر، إنما كنا نتبادل الرسائل من خلال الموبايل باستمرار حتى بدأ شوقي ناحيتها يخف تدريجياً مع الوقت. طبعاً لم يكن لدى أهلي أية فكرة عن طبيعتي الجنسية ولا عما يجري معي، ولماذا أريد العيش بمفردي في مكان بعيد. كل الذي يعرفونه أنني أحب عملي إلى درجة التضحية بكل شيء من أجله، لكنني عندما كنت أزورهم يقولون لي إنني تغيرت كثيراً لدرجة أنهم يحسون وكأنني لم أبتسم في حياتي كلها. والسبب وراء كل هذا أنه لدي على الدوام شعور بأنني أضعت السعادة الوحيدة في حياتي ولن أعيش بسعادة مرة ثانية. بعد هذه الحادثة أصبحت أكثر تعقلاً فقد أصبحت علاقاتي مع الآخرين جيدة أكثر من ذي قبل، لكن الانفعالات التي أحسست بها مع صديقتي الأولى قد استنفدت كل قواي وكلفني انفصالي عنها الكثير من الآلام والأحزان والدموع… ومعاناة ألم الوحدة والعجز عن مجابهة فكرة الانفصال التي أخذت تقض مضجعي.
أنا الآن أعيش مع امرأة أخرى أحترمها كثيراً، فهي ذكية وجميلة وتنشر الفرح أينما ذهبت. نحب بعضنا كثيراً والعلاقة الجنسية بيننا هي نتيجة التعبير عن هذا الحب وكل واحدة منا تؤكد طوال الوقت على أنها تحب الأخرى أكثر. لكن لذة سعادتنا تأتي دائماً ليس من علاقتنا الجنسية وحسب إنما من وجودنا أيضاً معاً وفي كل الأوقات. تشاجرنا مرة واحدة فقط وذلك عندما دعتنا صديقتها السابقة إلى شرب فنجان من القهوة والتعرف عليَّ، وقتها قفزت من مكاني وكأن أفعى لدغتني وأنا أفكر بمنظري الأبله جالسة مع صديقتها السابقة! وقد أكدت لي أن كل شيء بينهما قد انتهى منذ زمن بعيد والأمر لا يتعدى كونه صداقة وحفاظاً على ود قديم بين أصدقاء عاديين، لكن الموضوع بالنسبة لي يمس جرحاً ما يزال موجوداً، فألغت الدعوة من أجلي.
كنت مع صديقتي الأولى أشعر بعد ممارسة الحب بأن هذا الحب ما هو إلا تعبير عن أحاسيسي القوية والصادقة التي تنتابني نحوها، فهي التي علمتني بلوغ أول ذروة جنسية في حياتي، فشلتُ في البداية لكنها كانت تعلمني أن أستمر حتى يتم لي ذلك، واحتفلنا بهذا الحدث حتى الصباح. أنا عاجزة الآن عن تحديد نوعية هذا الحب لكنني متأكدة من أنه إحساس كامل.
لقد تربيت في محيط شعبي وديني وكانت صدمة أهلي الكبيرة تكمن في عدم تركي العمل في المدينة التي أقيم فيها، ورفض العودة إلى المنزل وعيش حياة جامدة مملة بعد التحصيل العلمي الذي حصلت عليه… أما صدمتهم الثانية فهي رفض كل من تقدم إلى خطبتي وإعلاني الاعتكاف عن الزواج. إنهم لا يعلمون أنني مثلية وربما سيصابون بالجنون إن عرفوا ذلك أو حتى سيبادرون إلى قتلي. كنت في السابق متدينة للغاية، أقوم بكامل الفروض والواجبات الدينية. أما اليوم وبعد أن ابتعدت عن حقائق الجميع فقد أصبح لديَّ إيمانٌ خاصّ بي، وأعطي لنفسي فتاوى تلائم ضميري وتفكيري وإنسانيتي الحقيقية.



 
Free Hit Counter Search Engine Submission - AddMe